|

القائد الرياضي.. حين تُصاغ الزعامة من رؤية وشغف

الكاتب : الحدث 2025-05-11 03:51:46

بقلم: محمد بن عبد الله العتيّق

حين أكتب عن القيادة في الأندية الرياضية، لا أتحدث عن المناصب بقدر ما أتحدث عن أثر، عن حضور، عن شخص يُحسّ الجمهور بوجوده حتى وإن لم يكن في المدرجات. القيادة هنا ليست لقبًا ، بل مسؤولية تُختبر في اللحظات الحرجة، ويُبنى عليها التاريخ أو يُنسى.

في ساحة المنافسة، لا يكفي أن يكون الرئيس صاحب قرار، بل الأهم أن يكون قائدًا يرى أبعد من نتائج المباريات، من يحمل رؤية واضحة لناديه، ويعرف تمامًا إلى أين يمضي بالاسم والشعار والجمهور. لا يقوده الانفعال، بل تحركه الخطة، ويشد أزرَه الحلم المتزن.

ويتخذ قراراته بحكمة، ويزن الأمور بميزان من الخبرة والعقل. لكنه أيضاً لا يتأخر حين تحين لحظة الحسم. يعرف تمامًا متى يُسرِع في اتخاذ القرار، خاصة حين يرى أن مصلحة فريقه على المحك، وأن الأداء لم يعد كما كان، وأن المؤشرات تنذر بالخطر. فالتردد قد يُفقده ما تبقّى، والحسم قد يُعيد لفريقه هيبته قبل أن يفوت الأوان.

والقائد الواعي لا ينخدع بهدوء اللحظة، ولا يسمي الصمت حكمة حين يكون التدخل ضرورة. فالحكمة ليست في الصمت دائمًا ، بل في الكلام حين يتوجّب، وفي القرار حين يتأخّر الجميع. ترك الأمور تتراكم بحجّة التروي قد يجعل الضرر مضاعفًا ، وقد يصل القائد بعد أن تخطّى النادي موجة التغيير، وتجاوزه حتى من كانوا دونه أداءً ومكانة. حينها، لا ينفع الندم، ويُصبح الكلام كمن يبكي على اللبن المسكوب.

القرار الصحيح في وقته يحفظ الإرث، ويصون التاريخ، ويُبقي النادي على مساره، قويًا كما عرفه محبّوه. ولا يُغفل القائد صوت الجماهير المخلصة، بل يُصغي لما يُقال، ويُقدّر ما يبوح به المحبون، لكنه لا يرضخ، بل يزن الآراء بمقياس الإنصاف، ويحتكم إلى أهل الرأي والخبرة، لا إلى من يُجامل أو يُناور.

من حول القائد يجب أن يكونوا أصحاب رؤية صافية، ونوايا خالصة، لا مَن يحرّكون المواقف بدافع القرب أو المجاملة. فالرئيس الناجح يختار مستشاريه كما يختار لاعبيه، بدقة وحذر، لأن القرار الرصين يبدأ من الدائرة الأقرب.

القائد الحقيقي لا يقف ساكنًا حين يُظلم فريقه. بل يعرف كيف يطالب بحقه مهما كانت الظروف، ويمتلك الشجاعة لقول الكلمة حين يصمت الجميع، لأن القيادة موقف، والموقف يصنع الفارق.

رئاسة نادٍ رياضي ليست امتيازًا، بل اختبار يومي في كيفية صناعة الفارق. إنها مزيج من انتماء وفكر وحزم، تحتاج إلى قائد يمشي بخطى واثقة، يُلهم ويُنجز، ويترك أثرًا لا يُمحى.