نداء القلب وصدق الروح

بقلم ــ عبدالله عسيري
----------------------
في زمن يزدحم فيهج الضجيج وتتشابه فيه الوجوه، تبقى المشاعر الصادقة كالنور في آخر النفق، تهمس فينا بأن شيئاً جميلاً ما زال ممكناً، وأن القلوب، حين تُنصت لنبضها الحقيقي، تستطيع أن تُبصر ما لا يُرى وتُحسّ بما لا يُقال،
المشاعر الصادقة ليست كلماتٍ عابرة، ولا وعوداً تُقال في لحظة ضعف، إنها ذاك الشعور العميق الذي يزرع نفسه في القلب دون استئذان، وينمو في صمت، كزهرة برّية لا تحتاج لماء كثير، بل يكفيها صدق الشعور لتُزهر ،
أما الحب، فهو أعظم تجليات هذه المشاعر، بل هو لغتها الأولى والأخيرة ، الحب ليس افتتاناً مؤقتاً ولا شغفاً يذبل مع الوقت، بل هو حضور دائم في الغياب، وطمأنينة تُشبه الوطن، هو أن ترى العالم كله في عيني من تُحب، وأن تشعر أن الحياة مهما أثقلتك، تخفّ بمجرد أن تسمع صوته ،
في الحب الصادق، لا حاجة للتكلّف ولا لتزيين الكلام ، يكفي أن تقول : “أنا هنا”، ليشعر الطرف الآخر بأن العالم كله بجانبه ، الحب الحقيقي لا يطلب شيئاً سوى الأمان، ولا يعرف الخيانة لأن الصدق فيه فطرة لا اختيار ،
كم من قلوبٍ خذلتها الكلمات، وكم من أرواحٍ شُفيت بنظرة صادقة، واحتضانٍ لا يُقاس بثمن ، إننا لا نحتاج كثيراً لنعيش، فقط نحتاج لمن يُحبنا بصدق، دون شروط، دون حسابات، فقط لأننا نحن ..
المشاعر الصادقة هي ما ينجو منّا بعد كل انكسار، هي البذرة التي تعيد للحياة معناها، وللأمل ملامحه، وللحب وجهه النقي ، فلنَتمسكُ بها كما يُمسك الغريق بحبل النجاة، ولنبقَ أوفياء لها، لأن في عالمٍ كهذا، لا يليق بنا إلا الصدق، ولا يليق بقلوبنا إلا الحب .