"أُلفة لا تُشبهنا "

بقلم ــ عبهر نادي
----------------------
حياتنا .. لا تُقاس بقدرتنا على الاحتمال، بل بأن نكون قادرين على الرفض حين يُطلب منا أن نتلاشى ..
فثِمة اعتياد يَبنينا .. وآخر يُفرِّغنا من جوهرنا قطعةً تلوى الأُخرى ..
وهناك في فجوة هذا النقص يبدأ السؤال الحقيقي :
هل مانعتاده يُشبهنا؟ أم يستهلكنا حتى لا نعود نعرف من نكون ؟!
لابد من مراقبة ذلك التآكل الصامت ، وأن نرفضه قبل أن يتحول إلى حياة كاملة لا تُشبهنا ..
(تعود أن لا تتعود)..
تعوَّد أن لا تتعوَّد على العيش بلا معنى ..
أن تستيقظ كل يوم كأنك نسخة باهتة من اليوم السابق ، تمضي فيه كأنك ظلّ لا يسأل، لا يختار، لا يحلم.
تعوَّد أن لا تتعوَّد على خيانة الحلم.
حين تراه يبتعد فلا تسعى لتحقيقه ،بل تقنع نفسك أنه لم يكن لك أصلاً، وكأن التراجع فضيلة ، والانسحاب قدر .
تعوَّد أن لا تتعوَّد على اختزال الحياة في قائمة من المهام المكررة، ولا على أن تُطفئ شغفك كلما نطقت الحياة بكلمة “منطق”، فتعيش بلا دهشة، دون سؤال، وبلا انتظار.
لا تتعوَّد أن تكون آلة، فتُنزِع من قلبك طفولة الدهشة باسم النضج، وتدفن فيك روحك لتُرضي قالبًا لم يُفصّل لك ..
تعوَّد أن لا تتعوَّد على الاستسلام،فالحياة ليست لمن يواصل التنفس، بل لمن يواصل الحلم، مهما ضاقت الدروب ..
تعوَّد على أن لا تتعود على التنازل الخفي ..
ذاك الذي يبدأ بخطوة صغيرة، ثم تستيقظ في يوم بعيد .. فلا تجد ذاتك ..
وأخيراً : تعوَّد أن تقول: كفى، ولو لم يبقَ معك أحد، فبعض الصمت هزيمة، وبعض الرفض بداية .