|

السعودية ليست كما يظنون.. بل كما تفعل

الكاتب : الحدث 2025-05-19 10:35:49

بقلم ـ محمد العتيّق 

في زاوية من زوايا هذا الكوكب، حيث الصحراء تُنبت المجد، وحيث النخيل لا يُثمر إلا خيرًا، امتدت يد دافئة، يدٌ لا تفرق بين لونٍ أو دين، بين لهجةٍ أو وطن. إنها يد المملكة العربية السعودية، التي منذ أكثر من ثلاثين عامًا، اختارت أن تكون موطن الرحمة، ووجهة الأمل، وقبلة للقلوب المنكسرة من أمهات التوائم السيامية.

كان المشهد الأول في عام 1990، حين خفقت قلوب العالم مع أول عملية لفصل توأم سيامي سعودي أجراها الدكتور عبدالله الربيعة، ونجحت العملية، وولد معها عهد جديد، عهد تتصدر فيه المملكة صفحات الطب العالمي، لا بصفتها دولة فقط، بل بصفتها قصة... قصة إنسانية لا تُنسى.

منذ ذلك اليوم، أصبحت السعودية وجهة للعطاء المفتوح. لم يكن العلاج محصورًا في الداخل، بل أصبح بابًا مشرعًا لكل محتاج. جاءت توائم من السودان، ونيجيريا، والفلبين، وبوركينا فاسو، واليمن، وسوريا، وإريتريا، وغيرها من أصقاع الأرض. لم يُسأل أحدهم عن بطاقة الهوية، بل كانت الأسئلة كلها تدور حول: كيف نُنقذ حياة هؤلاء الأطفال؟ وكيف نُعيد لأهلهم نبض الفرح؟

كل شيء مجانًا. نعم، مجانًا. من تذاكر السفر، إلى السكن، إلى العمليات المعقدة التي تتجاوز في أحيانٍ كثيرة 16 أو 18 ساعة. حتى الإقامة ما بعد الجراحة والتأهيل الكامل الذي يمتد شهورًا... كله تتكفل به المملكة بلا منٍّ ولا أذى، فقط بلسانٍ واحد: "نسأل الله الأجر".

ولأن العطاء لا يعرف حدودًا، تجاوزت المملكة الجانب الطبي لتصل إلى الإنسانية في أسمى صورها. لن ينسى التاريخ ذلك الموقف العظيم حين تحدث الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب في إحدى مقابلاته، وقال بنص كلامه:

"طلب مني الأمير محمد بن سلمان أن أُسدي له معروفًا، ليس لنفسه، ولا لبلاده، بل للشعب السوري... قالها بنبرةٍ جعلتني أشعر بمدى إنسانية هذا الرجل الشجاع، وبالرحمة التي يتكلم بها. لم أستطع أن أرفض، وقلت فورًا: نعم، سأفعل ذلك".

طلبٌ نبيل لم يكن لأجل السياسة، بل لأجل الناس. لأجل أطفال سوريا، وعجائزها، وشبابها الذين ذاقوا ويلات العقوبات والجوع والتهميش لعقود.
ومع ذلك، وبينما فرحت قلوب العرب والمسلمين من المحيط إلى الخليج بهذا الموقف الإنساني العظيم، خرجت بعض الأصوات المريضة – لا من شعوب بأكملها، بل من أفراد وجهات معروفة بولائها لجهات خارجية – لتشوه الحقيقة، وتحارب الموقف، لا لشيء سوى أن الخير يؤلمهم... والنور يفضحهم.

هؤلاء لا يريدون استقرارًا في منطقتنا، بل يعيشون على الحروب، ويأكلون من جراحنا.
لم يتقدموا، لم يحموا شعوبهم، ولم يُغنوا أوطانهم. لا ينتجون حضارة، ولا يصنعون سلامًا. فقط ضجيجٌ... وصراخٌ... ونكرانٌ للجميل.

يُطالبون المملكة بالمزيد تجاه فلسطين، وهم يعلمون – ويعرف العالم – أن المملكة هي أكثر دولة دعمت القضية الفلسطينية تاريخيًا وماديًا وسياسيًا، قدّمت مليارات، بنت مساكن، أوصلت المساعدات، أنشأت المستشفيات، قادت الوساطات، وأوقفت الحروب.

آخرها في حرب غزة الأخيرة، حينما تدخلت السعودية بثقلها السياسي والدولي، وأوقفت العدوان، وفتحت المعابر، وأرسلت القوافل، وأقامت المستشفيات الميدانية، وقادت الجهود السياسية والإنسانية لوقف النزيف... بينما كانوا هم يُصفقون للحرب، ويصرّون على إدخال الشعب الفلسطيني في مواجهة غير متكافئة مع قوة لا ترحم.

استمعوا لمن لا يريد خيرًا لغزة، فدفع الثمن الشعب البريء، وتعرض الأطفال للقتل، والبيوت للدمار، والآلاف للتهجير، فقط لأن هناك من أراد الحرب لغاياته، لا من أجل فلسطين.
وهذه هي المملكة العربية السعودية.
هذه هي مملكة الإنسانية.
هذه هي القيادة التي تتحمل أذى القريب قبل البعيد، وتصبر، وتبذل، وتقدم، وتصمت.
تعمل ولا تنتظر شكرًا، تفعل ولا تُعلن، وتخدم دون أن تطلب مقابلاً.
من عهد الملك عبدالعزيز، إلى عهد الملك سلمان وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، لم يتغير شيء... العطاء هو العنوان، والرحمة هي اللغة، والإنسانية هي الأساس.