|

الأخ لا يُعوّض... فكيف تقاطعه؟

الكاتب : الحدث 2025-05-22 02:22:08

بقلم ـ  محمد العتيّق 

في لحظة ما حين يهدأ كل شيء، تدرك أن أكثر ما يوجعك ليس خلافًا قديمًا، ولا كلمة قيلت لحظة غصب؛ بل لحظة لم تُقل فيها كلمة "سامحني"، تتمنى لو عاد فقط لثانية، فقط لتقول: أنا الغلطان، لا تتركني هكذا، لا تذهب قبل أن تعانقني، قبل أن أسامحك وتسامحني.
كم من إخوة وأخوات وأقارب فرّقتهم الدنيا، وفرّق بينهم شبر أرض، أو ورث، أو كلمة عابرة زرعها عابر سوء، أو حتى خلاف على مبلغ لا يساوي لحظة صفاء واحدة. 
تناسوا أنهم من بيت واحد، من رحم واحدة، ضحكوا سويًا، وبكوا سويًا، وتشاركوا الخبز والفرح والدموع؛ ثم فرّقتهم الدنيا حين كبروا، وكأن شيئًا لم يكن. تخيل أن تغيب عنك تلك الوجوه، ويطول الغياب، ثم يأتيك خبر الموت فتبكي، وتندم، وتصرخ في داخلك: ليته يعود فقط لأعتذر، فقط لأقول له كم كنت أحتاجه، فقط لأُقبّله قبل أن يُحمل على الأكتاف؛ لكن لا عودة. الجبين الذي كنت تنتظر أن تُقبّله في لحظة صفاء، صار باردًا لا يرد ولا يسمع. والقلب الذي غضبت عليه، توقف عن النبض، وانتقل إلى رحمة أرحم الراحمين.
لا تسمح لأحد، كائنًا من كان، أن يُفرّق بينك وبين أخيك، أو أختك، أو قريبك، حتى لو كان ابنك أو ابنتك. لا تسمح لهم بذلك، بل إزجرهم وامنعهم.

هناك أمثلة كثيرة على أن بعض أسباب القطيعة تكون من الأبناء والبنات ضد أقاربهم لسبب أو لآخر، لا تسمح لأحد أن يدخل بينك وبين أخيك أو أختك أو ذوي رحمك، ويجب عليك أن تتنازل حتى لو كان الحق لك.

يجب عليك أن تتنازل وتقول بينك وبين الله عز وجل، في وقت لا يسمعك فيه إلا الله عز وجل، وتدعو بهذه الدعوة: "يا ربي إنك تعلم أن الحق لي، وأنني أنا المتضرر، وأنني لو استمريت على هذه المطالبة سأفقد أخي أو أختي "أو قريبي وقريبتي"،  وسيكون بيني وبينهم قطيعة.  اللهم لأجل وجهك الكريم فإني أتنازل عن هذا الحق وهو لي، ابتغاء مرضاتك يا رب العالمين، وابتغاء نزع الخصام، وأرجو منك يا رب أن تغفر لي بهذا الأمر وهذا العمل، وأن تجعله عمل خبيئة لي تنقذني به من مصائب الدنيا ومن أهوال الآخرة، وأن ترحمني، وان تجمع بيني وبين هؤلاء، وألا تفرق بيني وبينهم".

أتمنى أن يصل هذا الكلام لكل من قطع رحمه، أو كان بينه وبين قريبه مشكلة أو قطيعة أو ضغينة لأجل أمرٍ من أمور الدنيا، أو لأي أمرٍ كان،  لأن أمور الدنيا كلها تافهة، ولا تستحق أن يكون بينك وبين أخيك أو أختك أو قريبك أو قريبتك، أو حتى جارك، قطيعة أو هجران.
 
وأرجو أن تكون وقفًا لي عند الله عز وجل، وأن ينتفع بها الناس، و أنال أجرها، و يمنع الله عز وجل عني الشرور والآثام، ويغفر لي، ويصلح شأني وشأن ذريتي، بكرمه ومنّه، ثم بهذه الكلمات التي أبتغي بها وجه الله لي ولمن نشرها  وساهم في نشرها  طلباً لمرضاة الله ورأفة بكل من قطع رحمه وساءه ذلك الخصام  والتقاطع والهجر .

ختامًا: إذا رأيت أن هناك من تسمع عنهم أو تعرفهم لديهم مثل هذه المعاناة، فأرسل لهم هذه المقالة؛ لعل الله يُليّن قلوبهم بها، ويكون فيها نزع للخصام، وعودة للمحبة، وعودة المياه إلى مجاريها، وأرجو أن تكون لنا جميعًا صدقة جارية، وأجرًا يوم نلقاه، ويبعد الله بها عنّا السوء، ويصلح بها ما بين قلوبنا وتكون سببًا في صلح بين إخوة، أو لَمّة بعد قطيعة، أو قبلة تأخرت لكنها وصلت في الوقت المناسب.  وأسأل الله في علاه أن تكون لي ولكم أجرًا، ولكل من قرأها أو مررها أجرٌ لا ينقطع، في الدنيا والآخرة. 

اللهم ألّف بين القلوب، وأصلح ذات البين، وبارك في من سعى للسلام، واغفر لكل من سامح وتنازل لأجلك.