|

"الأمن والأمان في المملكة: ثمرة وحدة القائد والشعب"

الكاتب : الحدث 2025-05-24 05:32:16

بقلم ـ محمد العتيّق

 قبل أن تُشرق شمس الوحدة على هذه البلاد الطيبة، كانت الأرض ترزح تحت وطأة الضعف والشتات. سادت الفوضى، حيث اغتصب القوي حق الضعيف، وامتدت يد الظالم لتسلب ما في أيدي الأقل حيلة. لم يكن الحكم لمن يمتلك، بل لمن يستطيع أن يغلب ويستولي. عاشت القرى والمدن والهجر في قلق دائم، تُغلق أسوارها ليلاً خوفًا من اللصوص وقطاع الطرق.

لقد كانت تلك حقبة مزقت النسيج الاجتماعي، وانعدم فيها الأمان. عاشت كل منطقة في عزلة، تحمي نفسها بجهد ذاتي، بينما كانت هذه الأرض الواسعة تنتظر يدًا قوية تجمع أطرافها. سيطرت روح الفرقة، وعمقت الهوة بين أبناء الوطن الواحد، مما جعل البلاد فريسة سهلة لكل طامع.

ثم جاءت إرادة الله، وتجسدت في رجل عظيم، الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود، طيَّب الله ثراه. كان صاحب رؤية ثاقبة، وقلب يملؤه الإيمان والعزيمة. لم يكن هدفه مجرد فرض السيطرة، بل بناء وطن يقوم على أسس راسخة من العدل والوحدة والإيمان. حمل على عاتقه مسؤولية تحويل حلم الوحدة إلى واقع ملموس، في مهمة بدت مستحيلة.

وبهمة لا تعرف الكلل، وعزيمة لا تلين، بدأ الملك المؤسس بجمع شتات هذه البلاد المترامية الأطراف. تحت راية واحدة، راية التوحيد الخالدة "لا إله إلا الله محمدًا رسول الله"، وتحت حكم واحد، تحولت القرى والمدن والهجر إلى جسد واحد، ينبض بقلب رجلٍ واحد. زالت الأسوار التي كانت تُبنى خوفًا، وتلاشت المخاوف، ليحلّ مكانها الأمن والأمان والطمأنينة. لقد أصبح الملك ملكًا للجميع، والراية راية للجميع، والوطن وطنًا لكل أبنائه، موحدًا قويًا كالبنيان المرصوص، شامخًا بفضل الله ، ثم بفضل تلك الوحدة المباركة.

لقد وحّد الملك عبد العزيز هذه البلاد تحت راية واحدة، وبحكم رجل واحد، وألّف بين قلوب الناس، فأصبح الجميع سواسية. رأى الناس الفرق الشاسع بين الخوف والأمن، بين الجوع والغنى، بين المرض والصحة. فقرروا أن يكونوا يدًا واحدة خلف هذه القيادة المباركة، لأنها انتشلتهم من وضعهم المأساوي إلى وضع آخر يفوق الوصف، وضعٍ من الرخاء والاستقرار والتقدم.

هذا التقارب بين الحاكم والمحكوم ترّسخ حينما رأى المحكوم أن الحاكم يحكم بالعدل وبشريعة الإسلام، ولا فرق لديه بين كبير وصغير. يأخذ الحق للمظلوم من الظالم، مهما كانت قوة الظالم أو قدره أو مكانته، فإنه لن ينجو بفعلته، والشواهد على ذلك كثيرة لا تعد ولا تحصى. لأجل ذلك، كل من سكن هذه المملكة، ومن عاش بأرضها وولد فيها أصلاً ومنشأ، وفيها آباؤه وأجداده الذين تربوا وربوا على هذه النعمة الكبيرة، ذكّروا بالماضي. نحن لا نعرف زمن الجوع أو الخوف، ولكن آباءنا وأجدادنا علمونا وأخبرونا عن القصص التي واجهتهم.

إن أهل هذه البلاد الطاهرة لا يمكن أن يخرجوا على ولاة أمرهم، ولا يمكن أن يتنكروا لمن رعى أمنهم وكرامتهم. فهم مع ولاة أمرهم قلبًا وقالبًا، يدهم بيدهم، يريدون لهذه الحياة أن تستمر في أمنها وأمانها واستقرارها، وأن يبقى هذا التجمع القوي بعيدًا عن الفرقة والشتات. ويدل على ذلك أن من يخرج ليتكلم باسم المواطن السعودي، فهو ليس سعوديًا لا أصلاً ولا منشأ. ربما يتحدث بلهجة سعودية، ويضع صورة سعودية، ويلبس لباسًا سعوديًا، لكنه ليس سعوديًا ولا يمت لهذه البلاد بأي صلة. فلا يغرنّكم هذا الكلام، ولا تغتروا بمن يخرج ليتكلم ويريد أن يشق الصف ، ويسعى لهذه البلاد أن تتفرق. فبإذن الله وبحول الله وقوته، لن تتفرق، لأنها يد واحدة، والعقلاء فيها لا حصر لهم. هؤلاء المرجفون ما هم إلا متسودون يغرّدون من خارج الحدود ، أو يتكلمون بعيدًا عن أرض الوطن، لا يستطيعون حتى أن يبينوا أنفسهم ، أو يتحدثوا بصورهم العادية، ليس لأنهم خائفون، بل لأنه ليس لديهم أي قضية سوى محاولة الإرجاف، وهذا لن يتم بإذن الله تعالى بهذه الدولة المباركة، لأن شعب المملكة العربية السعودية يعلم المفسدة من المصلحة، ويعلم أن بقاء هذه الدولة المباركة هو بقاء له ولعائلته ولأسرته ولأمنه وأمانه.

المملكة، بحراسة الله، تخدم الحرمين والمسلمين عالميًا، سباقة في نصرة العرب. المرجفون قلة لا يضرون إلا أنفسهم، وكلامهم مردود عليهم. المنصفون يشهدون بعدل وأمن البلاد، أما الحاقدون فلا يريدون لها الخير. اللهم احفظ قادتنا وبلادنا، واجعل كيد الأعداء في نحورهم.