الحج قصة نجاح تُروى في كُل عام ..

بقلم ـ حسن بن محمد المباركي
-------------------------------
في كل عام، وقبل أن يُعلَن نجاح موسم الحج، نسمع تلك الأصوات الضعيفة، والحناجر المبحوحة، تتردّد عبر وسائل التواصل الرقمي، محاولةً النيل من جهود المملكة العربية السعودية الجبّارة في خدمة ضيوف الرحمن، ولكن هيهات هيهات... قال الله تعالى: {الله يعلم حيث يجعل رسالته}.
إن خدمة الحرمين الشريفين وضيوفهما ليست وليدة لحظة عابرة، بل هي امتداد راسخ ارتبط بنشأة هذه الدولة العظيمة. فمنذ أن وحّد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود – طيّب الله ثراه – أرجاء البلاد، أدرك عِظَم الأمانة التي يحملها تجاه مكة المكرمة والمدينة المنورة، فجعل أمن الحاج والزائر هدفًا ثابتًا في سياسات الدولة وقراراتها، ليكون الحرمان الشريفان مقصدًا آمنًا لجميع المسلمين، ومهوىً للأفئدة من كل فج عميق ..
وتوالت عناية ملوك المملكة بخدمة ضيوف الرحمن، فكانت كل مرحلة من مراحل الدولة السعودية شاهدةً على التزام لا يتزعزع، وجهود لا تهدأ، ومشروعات عمرانية هائلة تجسّد الإبداع، ومنظومات خدمية تُظهِر حرص الدولة على راحة الحاج وكرامته، واستعدادات لوجستية وتقنية تواكب العصر، وتضمن للحاج أداء مناسكه بيسر وطمأنينة ..
وقد بلغت خدمة حجاج بيت الله الحرام في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان – حفظهما الله – أعلى مراتبها، حيث شهد الحرمان الشريفان أكبر توسعة في تاريخهما، وصاحب ذلك تحولات نوعية في مستوى الخدمات، بتكامل غير مسبوق بين الجهات المعنية في خدمة ضيوف الرحمن ..
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل حرصت الدولة على تطوير الخدمات الإلكترونية والرقمية؛ لتسهيل إجراءات الدخول والخروج، وتنظيم أوقات الطواف والسعي، وتوفير خدمات الترجمة الفورية، والإرشاد الرقمي، وإدارة الحشود عبر الذكاء الاصطناعي، فضلًا عن إطلاق تطبيقات ذكية مثل "اعتمرنا" و"نسك"، التي أحدثت نقلة نوعية في مستوى الخدمة المقدمة للزوار والمعتمرين من داخل المملكة وخارجها، حتى غدت تجربة المملكة في إدارة الحج أنموذجًا عالميًّا ورائدًا في التنظيم والإدارة.
وتبقى جهود المملكة متجددة ومستمرة، لتؤكد للعالم أن خدمة الحرمين الشريفين شرف تعتزُّ به، ومسؤولية تفخر بها، وقصة نجاح تتجدد فصولها كل عام، يشهدها حجاج بيت الله وهم يؤدون الركن الخامس من أركان الإسلام في أمن وأمان وسكينة.
فحفظ الله هذه البلاد المباركة، وآدام عزُّها وأمنها، وأيَّد قاداتها لما فيه خير الإسلام والمسلمين .