ودارت الأيام .. برحيل عامٍ وقدوم عام

د/ سلمان الغريبي
-----------------------------
مع نهاية عام أزف رحيله واستقبال عام جديد ظهرت بوادر قدومه ، لا بد أن نقف مع أنفسنا وقفةً صارمةً ونحاسبها حساب مودع على ما حصل في سنة مضت ، ونستفيد من أخطائنا وزلاتنا التي اقترفناه فيها بقصدٍ او بغير قصد ونتلافاها في العام الجديد القادم علينا ، ونستلهم منها الدروس والعبر كي نعيش حياة افضل وأجمل بسلام وصحة وعافية وراحة بال. والقادم إن شاءالله أجمل وأحلى ، راجينا ان ننال فيها رضا الله وجنته ، ونخشى سخطه و عذابه ، فالنستقبل عامنا الجديد بقلبٍ سليم و ثوب جديد ناصع البياض معطر بالتفاؤل والأمل والورد والفل والكادي والرياحين ، واثقين في الله كل الثقة بأن يبدل احوالنا للأحسن والأفضل والأجمل إن شاءالله ، إنه ولي ذلك والقادر عليه .. ولنعلم دون ادنى شك انه "ما بين غمضةِ عين وانتباهتها يغيّر الله من حالٍ إلى حال" ، وما بين عامٍ وعام تتغير فيها الاحوال مُتسارعة ، فعامٌ مضى ورحل بافراحه وأتراحه وكأنه ساعات وثواني ، فهلَ تنبهنا لكل هذا واعتبرنا بان الدنيا لا تبقى على حال ، فها هو عام 1446 هجرية ، يلملم أحزانه وافراحه متهيئاً للرحيل عنا ، وعام قادم لا نعلم ماذا خُبي لنا فيه ، عام مضى يطوي بساطه ويشد رحاله ، فهل تذكرتم ليله ونهاره ؟ وافراحه و أحزانه ، فيه ياما شقي ناس والعياذ بالله ، وفرح فيه أناس آخرون ، و كم مريض فيه عافاه الله و حمده وشكره ، وآخر مرض وفي التراب توارى ..!! ، وكم دار فرحت بقدوم مولود جديد ، وأخرى حزنت بفقد غالي وحبيب ، فهل تمعنا واقتنعنا بأن الدنيا هي دار الرحيل والأخرة دار القرار ، فاستدركوا اعمالكم قبل فوات اعماركم ، واستقبلوا عامكم الجديد بتوبة نصوحة و عمل صالح متقبل لعلكم تفلحون ، واعلموا بأن الاعوام تنقضي سُراعاً وكذلك العمر يُفنى وهو قصير مهما طال به الأمد ، والأيام تُطوى كطي الصحف غريبة عجيبة دون ان نحس او نشعر بها .. وكل عام وانتم واهلكم واحبتكم بخير والى الله اقرب .. يقول أحد الشعراء :
نسير إلى الآجال في كل لحـظة ..
وأعمارنا تطــوى وهن مــراحل
ترحل من الدنيا بزاد من التقى ..
فعمــــــرك أيام وهنّ قـلائـل
وما هذه الأيام إلا مــــــراحــل ..
يحث بها حاد إلى الموت قاصد
وأعجب شيء لو تأملت أنها ..
منازل تطـوى والمســـافر قــــاعد .