|

أحمد اليوسف رفيق الوفاء (رحمه الله)

الكاتب : الحدث 2025-07-02 06:32:26

بقلم / خليل إبراهيم القريبي 
--------------------------------------


يأتي خبر الفقد حاملاً معه غصَّة في القلب، وقد كانت هذه الغصة أشد إيلاماً حين جاء الخبر فجأة، كالصاعقة التي تباغت القلوب دون إنذار، حتى وإن كان الراحل لم يخالطنا في تفاصيل الحياة اليومية، هكذا كان وقع نبأ وفاة "أحمد اليوسف"، رفيق العمر لشقيقي علي، الذي وإن كانت معرفتي به محدودة، إلا أنها كانت صادقة وعميقة في أثرها، إنه الألم الذي يتجاوز حدود المعرفة الشخصية ليلامس جوهر العلاقات الإنسانية النبيلة، ويرسم لوحة الوفاء التي تبقى خالدة ..

في حياة كل منا، قد يأتي رفيق درب يصبح بمثابة جزء لا يتجزأ من كياننا، أحمد كان ذلك الصديق لشقيقي علي ، شاهداً على مراحل العمر الطويلة، شريكاً في الفرح، وسنداً في الشدائد، هذه الصداقات العميقة التي تتجاوز مجرد المعرفة العابرة هي جوهر الحياة الحقيقية، وهي الروابط التي تُصقلها الأيام، وتُثبتها المواقف، وتُظهر معادن الرجال، إنها نعمة لا تُقدر بثمن، أن تجد في هذا العالم المتسارع روحاً تشبه روحك، وتفهم صمتك قبل حديثك ..

بالنسبة لي، لم تُتح لي الفرصة لمخالطة أحمد(رحمه الله) ، بشكل يومي أو مطول، كانت لقاءاتنا تقتصر على مواقف أخوية معدودة، لكنها كانت كافية لتترك انطباعاً راسخاً، في كل مرة، كنت ألمس فيه خصالاً قلّما تجدها مجتمعة : طيبة النفس، صدق الحديث، ودماثة الخلق، وحتى ضحكته الآسرة، لم تكن هناك حاجة للكثير من المواقف ليتجلى معدنه الأصيل؛ فالجوهر الحقيقي يشرق من أول وهلة، ويترك أثراً لا يُمحى، هذه اللحظات القليلة كانت بمثابة بصمات نقية تؤكد ما كان شقيقي يحدثنا عنه دائماً ..

ولعل أصدق شهادة لأحمد، وأعمق دليل على نقاء روحه ومعدنه الأصيل، هو استدامته كرفيق عمر لشقيقي علي، فالعلاقات الأخوية الحقيقية لا تبنى إلا على أساس صلب من الثقة والاحترام المتبادل والتوافق الروحي، فاختيار علي، وهو الحصيف في العلاقات، لأحمد كرفيق بهذا العمق والوفاء يدل قطعاً على أن أحمد كان يمتلك من الصفات ما يجعله أهلاً لهذه الأخوة العميقة والصادقة، إنها شهادة تُكتب بماء الذهب، وتُخبرنا أن الراحل كان مثالاً للأخ النقي والصديق الوفي ..

تستمر الحياة، لكن أرواح من نحب لا ترحل عنا أبداً، وسيظل أحمد حاضراً في ذاكرة شقيقي، وفي ذاكرتي، وفي قلوب كل من عرفه ولو للحظات، وسيبقى إرثه من المحبة والصدق والوفاء كشمعة تضيء دروبنا، وتذكرنا بأهمية اختيار الصحبة الصالحة، وبأن الأثر الطيب هو خير ما يتركه الإنسان بعد رحيله ..
وختاماً : رحمك الله يا أحمد ، رحمة واسعة وأسكنك فسيح جناته وإنا لله وإنا إليه راجعون .