|

"صدفة خير من ألف ميعاد

الكاتب : الحدث 2025-07-02 06:54:10

بقلم ـ عبدالله عسيري
-----------------------------


كم مرة خططنا، وانتظرنا، ورتبنا التفاصيل على أكمل وجه .. ثم خاننا التوقيت، وأفلتت اللحظة من بين أيدينا؟ وكم مرة جاءت الحياة بما لم ننتظر، وبما لم نحسب له حساباً، لكنها جاءت أجمل، وأصدق، وأقرب للقلب؟

“صدفة خير من ألف ميعاد” ليست مجرد عبارة، بل حقيقة يثبتها الزمن كل يوم. ففي عالم تملؤه المواعيد والخطط المؤجلة، تظل الصدفة وحدها تملك القدرة على مفاجأتنا، على قلب الموازين، وإحياء الأمل في تفاصيل لم نكن نظن أنها لنا ..

الصُدف، تلك اللحظات التي لا نتوقعها، كثيرًا ما تُغيّر مسارنا، وتفتح لنا أبوابًا لم تكن بالحسبان ، فمن لقاء عابر في مكان غير متوقّع، إلى فرصة عمل جاءت في وقتٍ لم نفكّر فيه حتى بالبحث، وصولاً إلى حبّ ينبت في القلب دون استئذان .. كلها شواهد على أن للحياة خططًا أخرى، غالبًا ما تفوق توقعاتنا ..

كم من لقاء عابر غيّر مجرى حياتنا؟
وكم من كلمة قيلت دون ترتيب، سكنت القلب وأيقظت فيه مشاعر لم تكن بالحسبان؟
بل كم من طريق اخترناه صدفة، فقادنا إلى حلم كدنا نظنّه بعيد المنال؟

الجميل في الصدفة أنها لا تسأل عن الاستعداد، ولا تنتظر إذن الحضور، تأتي بخفتها، وعفويتها، فتربكنا تارة، وتدهشنا تارة أخرى، لكنها تترك دائماً في القلب أثرًا لا يُنسى ..

ربما لا نملك التحكم في مساراتها، لكننا نملك أن نؤمن أن أجمل ما في الحياة قد يأتي بلا موعد ، كحب يولد بين لحظتين، كفرصة عمل جاءت من باب لم يُفتح من قبل، كصديق اكتشفنا أنه الأوفى وسط زحام الوجوه ..

وفي النهاية، ليست الصدفة سوى رسالة لطيفة، تخبرنا بأن أجمل الفصول لا تُكتب ، بالحسابات الدقيقة، بل تُرسم ببساطة اللحظة، وبركة المفاجآت ..

فلنترك للنصيب متسعاً، وللأقدار فسحة، فمن يدري؟
قد تحمل لنا الأيام صدفة خير من ألف ميعاد .