جودة حياة الكوكب

بقلم ــ خليل إبراهيم القريبي
شدتني مقولة السيد جيري إينزيريلو، الرئيس التنفيذي لمجموعة شركة الدرعية، حين قال: "لا ينحصر اهتمام سمو ولي العهد في جودة حياة السعوديين فحسب، بل في جودة حياة الكوكب بأكمله." هذه المقولة ليست مجرد كلمات عابرة، بل هي تجسيد حي لرؤية استراتيجية عميقة ومتعددة الأبعاد يقودها سمو سيدي ولي العهد باقتدار، تلك الرؤية تعكس تحولاً جذريًا في مفهوم التنمية والمسؤولية لدى المملكة، ففي حين ارتبطت "جودة الحياة" تقليدياً بالرفاهية الفردية وتحسين الظروف المعيشية للمواطنين محلياً، وتتجلّى الجهود الحثيثة لتعزيز الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والترفيهية لبناء مجتمع حيوي ومزدهر، فإن هذه الرؤية تتجاوز المعهود لتشمل نطاقاً عالمياً.
لكن المقولة تذهب أبعد من ذلك، لتؤكد أن هذا الاهتمام ليس قاصراً على الداخل، بل يمتد ليحتضن مسؤولية عالمية، هذا البعد العالمي لجودة الحياة يضع المملكة في مصاف الدول الرائدة التي تدرك ترابط مصير البشرية وكوكب الأرض، حيث التحديات العالمية الراهنة، من تغير المناخ والتدهور البيئي إلى الأوبئة والأزمات الاقتصادية، لا تعترف بالحدود الجغرافية، ولذلك، فإن أي رؤية شاملة لجودة الحياة يجب أن تتخطى النطاق المحلي لتشمل البعد الكوكبي.
تترجم هذه الرؤية الشاملة إلى مبادرات ومشاريع كبرى، مثل "السعودية الخضراء" و"الشرق الأوسط الأخضر"، التي لا تهدف فقط إلى تحسين البيئة المحلية، بل تساهم بفاعلية في الجهود الدولية لمكافحة تغير المناخ وتقليل الانبعاثات الكربونية، كما تتجلى في مشاريع مثل "ذا لاين" و"نيوم"، التي صُممت لتكون نماذج مدن مستدامة وصديقة للبيئة، قادرة على إلهام وتوجيه التنمية الحضرية على مستوى العالم، هذه المشاريع تمثل تجسيدًا لالتزام المملكة ببناء مستقبل أفضل للبشرية جمعاء.
التركيز على "جودة حياة الكوكب بأكمله" يعكس نضجاً في الفكر الاستراتيجي السعودي، ويدرك أن الازدهار المحلي لا يمكن أن يستدام بمعزل عن صحة البيئة العالمية واستقرارها، وهذه الرؤية الممتدة مثلما تضمن مستقبلاً أفضل للأجيال القادمة في المملكة، فهي تُرسّخ دورها كلاعب أساسي في صياغة مستقبل عالمي أكثر استدامة ورفاهية للجميع.