مطار القنفذة والحلمٌ المنتظر

بقلم : علي بن أحمد الزبيدي
تحت سماء الساحل الغربي للمملكة العربية السعودية، حيث تلامس أمواج البحر الأحمر شواطئ القنفذة الساحرة، تتجسد مدينة واعدة بطموحاتها التنموية، وفي قلب هذه الطموحات يبرز مطلب شعبي ملحٌ لإنشاء مطار يربط القنفذة ببقية مدن المملكة، ويفتح آفاقًا جديدة للتنمية الاقتصادية والسياحية، ويختصر مسافات طالما أرهقت المسافرين.
فالقنفذة تعتبر إحدى أهم محافظات منطقة مكة المكرمة، وتتمتع بموقع استراتيجي على ساحل البحر الأحمر، مما يجعلها بوابة لمناطق الجنوب الغربي حيث يبلغ عدد سكانها حوالي 300 ألف نسمة، وهي مركز إداري وتجاري لمنطقة واسعة تشمل عددًا من المراكز والقرى المجاورة، كما أنها وجهة سياحية واعدة، فبشواطئها البكر، ومهرجاناتها الصيفية، وجزرها الخلابة، تجذب آلاف الزوار سنويًا، لكن غياب وسيلة نقل جوي فعالة يجعل الوصول إليها أمرًا صعبًا، ويقلل من جاذبيتها السياحية، ويعيق حركة التبادل التجاري والاستثماريّ ولذلك أصبح المطار أمراً بالغ الأهمية .
ولم يكن مطلب إنشاء مطار القنفذة وليد اللحظة، بل هو حلم يراود أهالي المحافظة منذ عقود مضت ،ففي عام 2011، صدرت موافقة سامية على إنشاء المطار، وبدأت الإجراءات التنفيذية وتم تخصيص أرض للمشروع في البداية، إلا أنه تم نقل موقعه لاحقًا إلى موقع آخر، الأمر الذي أضاف تعقيدًا جديدًا على مسار المشروع وباتت جملة طار المطار هي السائدة .
وفي خطوة بدت وكأنها بداية الإنجاز، قام صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، مستشار خادم الحرمين الشريفين وأمير منطقة مكة المكرمة، بوضع حجر الأساس للمطار عام 2018، وهو ما بعث الأمل من جديد في نفوس أهالي المنطقة ثم تلا ذلك في عام 2020م توقيع صاحب السمو الملكي الأمير بدر بن سلطان نائب أمير منطقة مكة المكرمة اتفاقية مع شركة "سما للطيران" لإنشاء المطار وتشغيله، ومع أن هذه الخطوات الرسمية القوية كانت مؤشرًا على قرب تحقق الحلم، إلا أن المشروع تعثر مرة أخرى، وبقي حبيس الأدراج وطار المطار مرة أخرى!
ومع مرور السنوات أصبحت حالة الترقب والقلق من أن يطير المطار دون عودة هي السائدة خاصة مع تزايد عدد المسافرين من وإلى المحافظة، وارتفاع حجم المعاناة التي يواجهونها في التنقل.
إن إقامة مطار في القنفذة سيشكل نقلة نوعية في مسيرة التنمية الشاملة للمحافظة، وسيُسهم في إنعاش القطاع السياحي بشكل كبير، فسهولة الوصول ستشجع السياح من مختلف مناطق المملكة وخارجها على زيارة القنفذة، وسيُسهل المطار على رجال الأعمال والمستثمرين الوصول إلى القنفذة، مما سيشجع على ضخ المزيد من الاستثمارات في مختلف القطاعات، كما أنّ وجود المطار سيُقدم خدمة حيوية لأهالي القنفذة، حيث سيختصر عليهم عناء السفر لمسافات طويلة إلى المطارات المجاورة مثل مطار جدة أو الباحة، خاصة في حالات الطوارئ أو الحاجة للسفر السريع.
همسة الختام
إن الدولة - أيدها الله - تولي مشاريع البنية التحتية الاهتمام البالغ فهي عصب التنمية الشاملة، ومطار القنفذة ليس مجرد مشروع آخر، بل هو شريان حيوي سيعيد الحياة إلى شرايين المحافظة، وسيمكنها من أن تأخذ مكانتها التي تستحقها ضمن خارطة التنمية الوطنية، وكلنا ثقة في حرص ولاة أمرنا على توفير كل ما من شأنه التيسير على المواطن والمقيم في بلدنا الحبيب ونحن في انتظار أن يصبح الحلم واقعاً، ونرى الطائرات وهي تحلق في سماء القنفذة مغادرة وقادمة حاملةً معها الأمل، والتنمية، والازدهار.