لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها

بقلم ــ محمد بن سعيد آل درمة
في بيانات عدة لهيئة الرقابة ومكافحة الفساد تخرج علينا بين فينة وأخرى من خلال وسائل الإعلام الرسمية من وكالة الأنباء السعودية والتلفزيون والإذاعة والصحف السعودية، تكشف فيها الهيئة عن عدة جرائم فساد في عدد من الوزارات والهيئات الحكومية دون إستثناء بعد قيام الهيئة بمئات الجولات الرقابية والتحقق ثم التحقيق مع المشتبه فيهم، وفقًا لنظام الإجراءات الجزائية، لتورطهم بتهم (الرشوة، استغلال النفوذ الوظيفي، والسرقة)، وهيئة الرقابة ومكافحة الفساد (الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد سابقًا)، تأسست في 1432/4/13هـ بهدف حماية المال العام، ومحاربة الفساد، والقضاء عليه، وتطهير المجتمع من آثاره الخطيرة وتبعاته الوخيمة على الدولة في مؤسساتها وأفرادها ومستقبل أجيالها.
والبعض من هؤلاء الفسدة حولنا وحوالينا، وفسادهم للأسف يجري بين ظهرانينا وتحت وقع سمعنا ونلمحه بأم عينينا، فما أكثرهم يعتلون المنابر ويتقلدون أرفع المناصب ويستلمون أضخم المكافأت والرواتب وينتشرون في أشهر المراكز والمواقع، بل البعض منهم أصبح من فئة المشاهير والنجوم وفي كل منبر وشاشة يهيمون، يتكسبون في الدنيا باسم الدين ويقتاتون على مدح وتلميع الكبير وظلم وهضم حق الصغير، يصمتون حين يجب أن يصدعون ويتحدثون عندما لا ينبغي أن يتفوهون، همهم ليس هموم المسلمين ومرادهم خلاف إرادة المواطنين، ولا نجد قولًا لكل خائن للأمة عليل إلا حسبنا الله ونعم الوكيل نعم المولى ونعم النصير، وأقول قولي هذا دون مبالغة وتعميم فلا يزال هناك فصيلٌ شريف عظيم بكلمة الحق هم ينطقون وبالحديث لا يتشدقون ولأنفسهم لا يظلمون ولأمتهم لا يخدعون، اللهم قوهم وسدد قولهم وأنفع بعملهم وعلمهم عبادك المخلصين يارب العالمين، يقول تعالى: "ولا تشتروا بآياتي ثمنًا قليلًا وإياي فاتقون".
واليوم لله الحمد والشكر ثم للملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين حين أمروا بإنشاء هيئة الرقابة ومكافحة الفساد للقيام بالرقابة الإدارية والمالية على الجهات الحكومية والخاصة لحماية النزاهة وتعزيز الشفافية، وهذه الهيئة تعلن يومًا بعد آخر مشكورة عن إيقاف والتحقيق مع العديد من الفاسدين من مختلف الوزارات والجهات الحكومية والأهلية وفي عدد من المناصب والمواقع الحساسة، وهذا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز يحفظه الله يقول: "المملكة لا تقبل فسادًا على أحد ولا ترضاه لأحد ولا تعطي أيًا كان حصانة في قضايا فساد".
وفي كل ضربة من الضربات الاستباقية للفساد والمفسدين يتذكر السعوديون والمقيمون في المملكة مقولة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء في العام 2015م، عندما أكد سموه أنه: "لن ينجو أي شخص دخل في قضية فساد أيًّا مَن كان لن ينجو سواءً كان وزيرًا أو أميرًا أو أيًّا من كان، كل من تتوافر عليه الأدلة الكافية سوف يحاسب"، وأيضًا يقول ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان: "إن الفساد كان قد انتشر في المملكة العربية السعودية خلال العقود الماضية مثل السرطان، وأصبح يستهلك 5٪إلى 15٪ من ميزانية الدولة، ما يعني أداء 5٪ إلى 15٪ أسوأ على أقل تقدير في مستوى الخدمات والمشاريع وعدد الوظائف وما إلى ذلك، ليس فقط لسنة أو سنتين، ولكن تراكميًا على مدى ثلاثين سنة"، وأضاف ولي العهد: "إنني بصدق أعتبر هذه الآفة العدو الأول للتنمية والازدهار وسبب ضياع العديد من الفرص الكبيرة في المملكة العربية السعودية. هذا الشيء أصبح من الماضي ولن يتكرر بعد اليوم على أي نطاق كان دون حساب قوي ومؤلم لمن تسول له نفسه كبيرًا أو صغيرًا".
يقول الله تعالى: "ولا تفسِدوا فِي الأرض بعد إِصلاحها"، ويقول تعالى: "ولا تبغ الفساد فِي الأرض إِنَ الله لا يحب المفسدين"، ويقول سبحانه: "والله لا يحب الغساد".
وقال ﷺ: "إنما هلك الذين قبلكم، أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها".
والله من وراء القصد.