" الأب ؛ فراق الأحباب سقام الألباب"

بقلم ـ جبران بن عمر
لك " يا أبي" بكل هذا السلام سلامًا ممتلئًا بشوقٍ يملؤهُ ألمًا ، وجرحًا لايندمل بفقدك ، وهذه سنة الله في خلقه ولا اعتراض في قدرِ الله ..
أتذّكركَ في تفاصيل دقيقة جدًا ، بضحكتك وريحة عطرك بين ثيابك ، وحين أجد أماكن سابقة لها الذكرى بوجودك ؛ يفيض القلب ويعتصر دمًا لحنين الذكريات الجميلة بوجودك الذي يجعل للمكان رونقًا خاصًا رائعًا ببساطتك وتواضعك الذي ينبض برفعة أخلاقك الطيبة مع كل من عرفك وكانت لهُ ذكرى معك ..
لن ننسى جزءًا منا ذهب ولن يعود ، من كانوا لنا سببًا في تقدمنا ونجاحنا وصلاحنا بعد - الله سبحانه وتعالى- وصنعوا لأجلنا الكثير..
إن حبرُ القَلمْ لايستطيع التعبير عن مشاعرهُ نحوك يا "أبي"، فمشاعري أكبّر من أسطرها على الورق ، ولكني لا أملك إلا أن أدعوا الله عزوجل أنْ يرحمك ويجعلك في علييّن ..
أبي ؛ أنت من علمني معنى الحياة .. أنت من أمسكتْ بيدي على دربِها ، وأجدُك معي في ضيقتي ، وأجدُك حولي في فرحي، و أجدُك توافقني في رأيي ، فأنت المعْلم والحبيبْ لي ، تنصحُني بلطفِ وتأخذ بيدي إذا تعثرت ، وتمسحُ على رأسي إذا أحسنت ، مهما تعدد وجود الرجال في حياة الأبناء والبنات ، فلا رجلٌ يستحق أن يكون بمكانة وعظمة الأب ، فوحدهُ من يمنح بلا حساب ، ووحدهُ من يسْهر ويتعب ويكٌد ليجعل من حياة أبناءه جنة ، فما من شخصٍ يحمل همّ أبناءه في صحوه ومنامه مثله ، ولا أحدُ ينصحهم ويرشدهم للخير كما يفعل هو ، فالأب سورٌ عالٍ من الأمان الذي يلفُ العائلة ، وهو عمود البيت ، وسر استقراره..
من انتظرني تسعةَ أشهُر واستقبلني بفرحته ، ورباني على حساب صحته هو الذي سيبقى أعظّمُ حُـب بقلبي للأبد ..
اللهم عن كل قطرةَ عرق نزلت من أبي سعياً لرزقنا فارفع بَها درجتَه في الجنة، وحرّم عليه حرّ الاخرة ياكريم ، واسقه شربةً من يدِ نبيك وحبيبك مُحمدًا صلواتِ ربي وسلامهٌ عليه.