ظِل الكلام

عبهر نادي
لن أبدأ بمقدمة معتادة، ولن أحكي عن قصة عابرة. ما يحدث هنا ليس سوى قلب فاض به الصمت فقرر أن يثرثر، قلب ٌ امتلأ بما لا يُقال، حتى ضاقت به الضفاف، فبحث عن مخرج.
هذه ليست لغة الأدب ولا محاولة لنسج نص متقن، بل زفرة قلب سئم صمتاً جميلُ المظهر .ثرثرته هذه المرة ليست خفيفة، إنها ثقيلة، ناضجة، تشبه حديثًا مؤجلاً لا يحتاج إلى جمهور، لكنه يرفض أن يظل سجينًا بين الضلوع.
إننا أحيانًا نظلم أنفسنا بالصمت ، نصمت حين نحتاج أن نتكلم، نبتلع الغصّة حتى لا نجرح أحدًا، ونخبئ دموعنا خلف ابتسامة حتى لا نثقل على قلبٍ نحبه. لكن الحقيقة أن هذا الثمن باهظ، وأن قلوبنا لا تُصان بالكتمان، بل بالبوح لمن يستحق .
حين أتانا الخذلان من أقرب الأبواب إلينا تظاهرنا بالقوة رغم احتياجنا لمن يلتقط شتاتنا دون أن نسأل .
أريد أن أقول إننا اضعنا الكثير من العمر ونحن ننتظر اللحظة المثالية لنعيش، ثم نكتشف أن اللحظة الوحيدة التي نملكها هي هذه التي بين أيدينا الآن.
عرفتُ مؤخراً أن الحب لا يُقاس بعدد الرسائل أو الكلمات، بل بصدق الحضور، وأن الرحمة في القلب أهم من فصاحة اللسان، وأن الطمأنينة لا يمنحها إلا من أحبك بعمق، لا من أحبك بصوت عالٍ.
هذه هي ثرثرة قلبي ، ليست دروسًا ولا حكمًا مكتملة، بل شظايا من شعور، ربما وجدت طريقها إليك ،أو كنت تنتظر من يكتب عنك دون أن يذكر اسمك.
وحين تنتهي هذه الثرثرة، لن اعِد نفسي بأن أكون قد تحررت من كل ما في داخلي، لكنني أعد قلبي أنه لن يختبئ بعد الآن خلف الصمت.
فالكلمات التي لا تُقال، تتحول إلى حجارة في الروح ، وأنا اخترت البوح علَّه يقودني إلى سلام لا يحتاج إلى شاهد ولا تصفيق .