جريمةٌ بلا هوادة : التعديل لنظام المرور السعودي يحمي المجتمع ويحاسب المتهورين

بقلم د. طلال الحربي
في خطوةٍ تاريخية ، تُعزز مكانة المملكة العربية السعودية الرائدة في مجال السلامة المرورية، صدر تعديلٌ تشريعيٌّ جديد على نظام المرور، يضع حَدًّا صارمًا أمام أي استهتار بأرواح الناس ومقدراتهم. ويأتي هذا التعديل، الذي نُشر في جريدة "أم القرى" الرسمية، ليرسخ مفهومًا مهمًا وأصيلاً : أن المخالفات المرورية الخطيرة التي تعرض السلامة العامة للخطر هي بمثابة جريمة كاملة لا تقل عن غيرها من الجرائم، ويجب أن يحاسب مرتكبها بقوة القانون.
فقد منح القرار، الصادر عن مجلس الوزراء، وزارة الداخلية صلاحية ترحيل السائق الأجنبي ومنعه من دخول المملكة في حال صدور حكم نهائي بإدانته بارتكاب أي من هذه المخالفات الخطيرة. هذا القرار ليس مجرد عقوبة إدارية، بل هو رسالة قوية مفادها أن حياة الإنسان وسلامة المجتمع خطان أحمران لا يمكن تجاوزهما، وأن مَنْ يستهتر بهما ليس له مكان على أرض هذا الوطن المعطاء.
ولا تقف العقوبة عند هذا الحد، ففي حال تكرار المخالفة خلال سنة واحدة، تُطبّق الغرامة القصوى، وعند تكرار للمخالفة، يحال الجاني إلى المحكمة المختصة التي قد تقضي بسجنه مدة لا تتجاوز السنة. هذا التصعيد في العقوبات يعكس إدراكًا عميقًا لخطورة هذه الأفعال، ويؤكد على أن السلامة المرورية مسؤولية الجميع، وأن التهاون فيها لن يُغتفر.
إن أهمية هذا التعديل لا تكمن فقط في صرامته، بل في كونه يمثل ركيزة أساسية في منظومة متكاملة للسلامة، تتصدرها جهود جبارة تقودها الإدارة العامة للمرور في مجال التوعية. لقد كانت الحملات التثقيفية المستمرة، والبرامج الإعلامية المبتكرة، والوجود الفاعل على الأرض، هي الأساس الذي هيأ المجتمع لتقبل مثل هذه القرارات الحاسمة. وها نحن اليوم نجني ثمار تلك الجهود، حيث أصبح الوعي المروري سمة ملحوظة، وانخفضت – بفضل الله ثم هذه الجهود – العديد من الحوادث المروعة.
كل هذه الجهود ثمار روية 2030 وعرّابها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله-، و قيادته الحكيمة ودعمه غير المحدود لكل ما من شأنه حماية أرواح كل مَنْ يقيم على هذه الارض المباركة ، ومتابعة صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سعود بن نايف بن عبدالعزيز، وزير الداخلية، ومباشرة من معالي مدير الأمن العام، وسعادة مدير الإدارة العامة للمرور، وجميع منسوبيها من رجال الأمن الذين يعملون ليل نهار تحت شمس الصيف الحارّة وفي ظلام الليل، ليرسموا لنا طريقًا أكثر أمنًا وسلامة.
إن هذا التعديل هو لصالح الجميع. إنه درعٌ يحمي المجتمع، وضمانة لحياة كريمة، وتأكيد على أن قيمة الإنسان هي الغالية فوق كل اعتبار. فهو دعوة للجميع، سائحًا كان أم مقيمًا أم مواطنًا ، للالتزام والانضباط، لأن الطرق آمنةٌ بسلوكنا، وحياتنا ثمينةٌ بقراراتنا.
المرور أمانة، والسياقة مسؤولية، والالتزام بنظام المرور هو عنوان للوطنية والاحترام.