الخطاب الملكي والمستقبل الزاهر.

بقلم : علي بن أحمد الزبيدي
يُعدّ الخطاب الذي ألقاه سمو ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، في افتتاح أعمال السنة الثانية من الدورة التاسعة لمجلس الشورى، وثيقة استراتيجية وكلمة بليغة، تجاوزت كونها مجرد خطاب رسمي، لتصبح بمثابة خارطة طريق لمستقبل المملكة، فقد عكس الخطاب رؤية ثاقبة لقائد شاب يمتلك طموحًا لا حدود له، ويؤمن بقدرات شعبه على تحقيق المستحيل.
إنه خطاب يجمع بين الحاضر والمستقبل، ويؤكد على أن المملكة تسير بخطى ثابتة نحو تحقيق أهدافها الوطنية.
كانت رسالة سمو ولي العهد واضحة منذ اللحظة الأولى ( الاستثمار في الإنسان السعودي)، فلقد أكدّ الخطاب على أنّ الإنسان هو الثروة الحقيقية للوطن، وأن بناء القدرات البشرية يأتي في صدارة الأولويات، وهذا التركيز على التعليم والتدريب وتطوير المهارات يتوافق تماماً مع مستهدفات رؤية 2030، التي تهدف إلى خلق جيل قادر على المنافسة عالميًا، والمساهمة بفاعلية في بناء اقتصاد متنوع ومستدام، فالخطاب لم يكتفِ بالتأكيد على أهمية التعليم، بل ربطه بمتطلبات سوق العمل المستقبلية، مما يعكس فهمًا عميقًا للتحديات والفرص، ولم يغفل سمو ولي العهد عن الإشارة إلى الإنجازات الاقتصادية الهائلة التي تحققت بفضل البرامج والمشاريع الكبرى، فلقد ذكر الخطاب الأرقام والإحصاءات التي تؤكد على النمو المتسارع في مختلف القطاعات، من الطاقة المتجددة إلى السياحة والترفيه.
إنّ هذه الإنجازات ليست مجرد أرقام، بل هي دليل على نجاح الخطط الاستراتيجية، وثمرة لجهود جبارة تبذلها الحكومة لتحقيق التحول الاقتصادي.
إن ما يميز هذا الخطاب هو صراحته وواقعيته، فهو لم يخفِ التحديات، بل تناولها بكل وضوح، مؤكدًا على أن النجاح يتطلب العمل الجاد والمثابرة والمراجعة المستمرة والتطوير .
إن ما يميز الخطاب هو الشمولية التي تناول بها مختلف القضايا، فقد تطرق إلى أهمية دور الشباب والمرأة في مسيرة التنمية، وأكد على تمكينهم وإشراكهم في صناعة القرار، كما أشار إلى دور مجلس الشورى كشريك أساسي في الرقابة والتشريع، مما يعكس الثقة الكاملة في مؤسسات الدولة وقدرتها على تحقيق التوازن المطلوب.
إنّ هذا التأكيد على التعاون بين السلطات يعزز مبدأ الحوكمة الرشيدة، ويضمن أن القرارات تتخذ بعد دراسة مستفيضة ومناقشة هادفة، ومن الجوانب المهمة في الخطاب، تركيزه على الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي، وقد أكدّ سموه على أن المملكة كانت وستظل عامل استقرار في المنطقة، ومدافعًا عن القضايا العادلة، وهذا الموقف الثابت يعكس مكانة المملكة الدولية، ودورها الريادي في مواجهة التحديات السياسية والأمنية، فالخطاب لم يكن موجهًا للشعب السعودي فقط، بل كان رسالة للعالم أجمع، تؤكد على أن المملكة دولة مسؤولة وملتزمة بالسلام والتنمية.
ونحن نحتفي بهذا الخطاب التاريخيّ نسأل الله أن يحفظ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، ويديم عليه الصحة والعافية، ويعزّ الله سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ويسدده في كل خطوة يخطوها لرفعة هذا الوطن.
همسة الختام
يمثل الخطاب الملكي لسمو ولي العهد نقلة نوعية في الخطاب السياسي السعودي، فهو يمزج بين الطموح والرؤية والواقعية، وهو خطاب يصدر عن قيادة شابة تؤمن بقدرات شعبها وتطلعاته، ويؤكد على أن المستقبل المشرق للمملكة العربية السعودية هو مشروع جماعي يتطلب تضافر جهود الجميع.