|

المركبات ذاتية القيادة بين الحاجة والتحديات

الكاتب : الحدث 2025-09-11 11:11:53

أ. د. محمد بن علي مباركي


تعرف القيادة الذاتية للمركبات بشكل مبسط بأنها تستبدل قائد المركبة (العنصر البشري) بأنظمة ذكية تعتمد على أجهزة استشعار ذكية وحوسبة فورية تمكن المركبة من التنقل من مكان إلى آخر بشكل مستقل. ويعبر مصطلح التنقل عن مدى سهولة وأمان وكفاءة انتقال الأشخاص والبضائع من مكان إلى آخر. وتُعد المركبات ذاتية القيادة من أبرز التقنيات القادرة على إعادة تشكيل مستقبل التنقل بل وإعادة تعريفه بالكامل. فعلى سبيل المثال، القيادة الذاتية تساعد على توسيع نطاق الوصول إلى التنقل بتوفير وسائل تنقل مستقلة لكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة. وخدمة المناطق التي تعاني من ضعف في وسائل النقل العام عبر حافلات ذاتيه القيادة. ولا شك أن القيادة الذاتية تحسن كفاءة تشغيل الطرق فهي تقلل الازدحام من خلال تحسين المسارات والتنسيق مع المركبات الأخرى. وتسهل انسيابية حركة المرور والحفاظ على انسيابها بفضل القدرة على تبادل المعلومات مع الأنظمة المرورية مما يؤدي إلى سفر أسرع وأكثر موثوقية. حيث تحافظ المركبات الذاتية على مسافات آمنة وثابتة وتقلل التوقفات المفاجئة الأمر الذي يساعد في تخفيف الازدحام. إضافة الى ذلك تلعب القيادة الذاتية دورًا كبيرًا في تحسين السلامة على الطرق - وهو أمر في غاية الأهمية - فالمركبات ذاتية القيادة تحد من الحوادث الناتجة عن الخطأ البشري الذي يمثل النسبة الأكبر عالمياً، حيث أن أنظمة القيادة الذاتية تراقب المحيط بدقة ولا تتعرض للإرهاق أو التشتت، وتتمتع بسرعة استجابة أكبر للأخطار، مما يُعزز دعم التنقل بإتاحة خدمات عند الطلب مثل سيارات الأجرة الآلية، والحافلات ذاتية القيادة، وروبوتات التوصيل. وهذا يدعم مفهوم التنقل كخدمة حيث يشتري الناس الرحلات بدلاً من امتلاك السيارات. وغالبًا ما تعمل المركبات ذاتية القيادة بالطاقة الكهربائية. الأمر الذي يُقلل الانبعاثات ويدعم أهداف التنقل الحضري النظيف والمستدام.. إلا أن هذه الحاجة قد تصدم أحيانا بتحديات تقنية وتنظيمية وقانونية واجتماعية واقتصادية. التحديات التقنية تكمن في صعوبة التعرف على البيئة في ظروف مناخية قاسية مثل الأمطار الغزيرة أو الضباب. أو التعامل مع المواقف غير المتوقعة كسائق متهور أو حيوان يقطع الطريق. وقد تكون هناك مخاطر أمنية في احتمالية اختراق أنظمه التقنية. التحديات القانونية والتنظيمية تتمثل في غياب إطار قانوني عالمي موحد ينظم عمل المركبات ذاتيه القيادة، وغموض مسألة المسؤولية القانونية في حال وقوع الحوادث هل هو (السائق، الشركة، أو المبرمج) مع ملاحظة أن أنظمة التأمين غير مهيأة للتعامل مع هذا النوع من المركبات. ولا شك أن هناك تحديات اجتماعية فهناك نقص ثقة الركاب والسائقين في الاعتماد الكامل على الأنظمة الذاتية وجدل حول قبول المجتمع لفكرة أن الآلة تتخذ قرارات مصيرية . ناهيك عن التحديات الاقتصادية فتكلفة التطوير والبحث مرتفعة وهناك حاجة إلى بنية تحتية ذكية متكاملة لدعم هذا النوع من المركبات.

وفي الختام نقول إن المركبات ذاتيه القيادة ليست مجرد تقنية متطورة، بل تمثل مسارًا نحو أنظمة تنقل أكثر امانًا، شمولاً، كفاءة، واستدامة. ورغم التحديات التقنية والتنظيمية والاجتماعية والاقتصادية، فإن المستقبل يشير إلى أن القيادة الذاتية ستلعب دورًا محوريًا في إعادة صياغة مفهوم التنقل في مدن الغد.