|

"الحج.. حين تتكلم المملكة بلغة الإتقان والرحمة"

الكاتب : الحدث 2025-05-13 08:51:27


بقلم / أحمد المنصور 

منذ أن أشرقت شمس الدولة السعودية الثالثة على يد المؤسس العظيم الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود – طيّب الله ثراه – والحج في قلب المملكة نبضٌ لا يخبو، وهمٌّ لا يُؤجَّل. كانت البداية بذورًا صغيرة من التنظيم، تنمو بين يدي القائد المؤسس، تُروى بالعزم والرؤية، وتُحاط بمهابة المكان، وقداسة الشعيرة، وعظمة الرسالة.

كان الحاج آنذاك يخوض رحلة يغلفها الخطر، ويكتنفها التعب، وكان الوصول إلى البيت العتيق أمنية يحفها المشقة والخوف، قبل أن تمتد يد الدولة الحانية، لتزرع الطمأنينة وتشق الطرق وتبني المرافق وتغرس معاني التنظيم في قلب الصحراء. وبمرور الزمن، ومع كل موسم حج، كانت المملكة ترسم على أرض المشاعر لوحة جديدة من الفخر، تضاف إلى سجلها المضيء في خدمة ضيوف الرحمن.

وفي عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز – حفظه الله – بلغت مسيرة الحج ذروتها من الرقي والإنسانية. لم تعد الخدمة مقتصرة على السقيا والإطعام، بل تجاوزت ذلك إلى مشروع حضاري متكامل، تتداخل فيه التقنية بالإدارة، وتتآلف فيه الروح مع التنظيم. توسعات كبرى للحرم، قطارات تربط المشاعر، مظلات تظلل قوافل الحجيج، ومراكز طبية تضاهي أفضل المستشفيات، لتكون المناسك أيسر، والرحلة أرحم، والقلوب أكثر خشوعًا.

ولأن الطموح لا يقف عند حد، جاءت رؤية المملكة 2030 التي يقودها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان – أيده الله – لتجعل من خدمة الحاج مشروعًا وطنيًا في قلب المستقبل. تطوي المسافات، وتختصر الإجراءات، وتفتح أبواب مكة بروح عصرية لا تُقصي الهيبة، بل تحتضنها بلغة التفوق والإتقان.

أصبح الحج اليوم تجربة فريدة، لا تعرف العشوائية، ولا تعرف التردّد، لأن وراءها عقولًا تُخطط، وقلوبًا تُخلص، وأيادي تبني، وأرواحًا تتشرف. وأصبحت المملكة حديث الحاج من مشارق الأرض ومغاربها، لا لأنها فقط تنظّم، بل لأنها تُحسن، وتُبهر، وتؤمن أن خدمة هذا الركن العظيم شرفٌ من الله قبل أن يكون تكليفًا من الأرض.