احترام مواقف ذوي الإعاقة… مسؤولية مجتمع

محمد الحارثي
في كل مدينة متقدمة، تعكس المواقف المخصصة لذوي الإعاقة مدى تحضر المجتمع ومدى التزام أفراده بمبادئ العدالة والمساواة. هذه المواقف لم توضع عبثًا، بل صُممت لتكون امتدادًا لحقوق أساسية يتمتع بها الأشخاص ذوو الإعاقة، تيسيرًا لحركتهم، وصونًا لكرامتهم، وتأكيدًا على مكانتهم المتساوية في الحياة اليومية.
ورغم وضوح هذه الحقوق في الأنظمة والقوانين، إلا أن التعدي على المواقف المخصصة لذوي الإعاقة لا يزال سلوكًا متكررًا في بعض المجتمعات. إذ يعمد بعض قائدي المركبات إلى استغلال تلك المساحات، غير آبهين بالضرر الذي قد يلحق بأشخاص هم أولى بها، سواء لأسباب صحية أو حركية تجعل من تلك المواقف وسيلة أساسية للوصول إلى وجهاتهم.
الأنظمة واضحة… والمخالفات لا تُبرر
نظام المرور في المملكة العربية السعودية، كغيره من الأنظمة في الدول المتقدمة، يولي اهتمامًا بالغًا بحماية حقوق ذوي الإعاقة، وينص صراحة على أن الوقوف في مواقفهم دون وجه حق يُعد مخالفة مرورية تستوجب العقوبة. وقد كثّفت الإدارة العامة للمرور حملاتها لضبط هذه المخالفات، مسجلة آلاف الحالات خلال الفترات الماضية، في خطوة تؤكد جدية الدولة في تطبيق النظام.
ليس قانونًا فقط… بل وعي وإنسانية
لكن احترام هذه المواقف لا يجب أن يكون نتيجة خوف من مخالفة فحسب، بل انطلاقًا من وعي مجتمعي راسخ بقيمة التراحم والاحترام المتبادل. فالشخص ذو الإعاقة لا يطلب امتيازًا، بل يسعى إلى ممارسة حياته الطبيعية دون عراقيل إضافية يفرضها عليه سلوك غير مبالٍ من الآخرين.
دورنا جميعًا
لحماية هذه الحقوق، لا يكفي تدخل الجهات الرسمية وحدها، بل لا بد من دور مجتمعي داعم؛ من خلال التوعية، والنمذجة السلوكية الجيدة، والتبليغ عن المخالفين، وتشجيع ثقافة الاحترام في الأماكن العامة. كما أن على المؤسسات التجارية والمراكز الخدمية مسؤولية في تنظيم مواقفها بوضوح، ووضع إشارات توعوية، وتفعيل آليات الرقابة الداخلية.
في الختام
الاحترام الحقيقي لحقوق ذوي الإعاقة يبدأ من التفاصيل الصغيرة، ومن بينها موقف سيارة. فهل يستحق أحدنا أن يسلب شخصًا آخر حقه في الوقوف، فقط لتوفير بضع خطوات؟ الإجابة الأخلاقية والقانونية واحدة: لا