|

أكتاف الأبطال : هل هي للاتكاء أم للفريسة؟

الكاتب : الحدث 2025-06-02 08:57:51

د / بجاد بن خلف البديري
-------------------------------


لطالما سحرنا بريق البطولات، تلك القصص التي يرتفع فيها الشجعان فوق حطام اليأس ليصنعوا نصراً، لكن، هل تساءلنا يوماً ما، ونحن نُشيد ونُصفق، هل تؤكل أكتاف الأبطال ، هذا التساؤل الغريب قد يبدو صادماً، لكنه يلامس حقيقة قاسية تختبئ وراء الأضواء، فالنجاح الباهر، خاصةً في بيئات العمل شديدة التنافسية أو المجتمعات التي تفتقر للمرونة، غالباً ما يأتي بثمن باهظ يدفعه الأبطال بصمت ، تخيل قائداً أتى بتحول مؤسسي مذهل، أنقذ شركة من الانهيار، أو أطلق مشروعاً وطنياً ضخماً ، يُشار إليه بالبنان، يُحتفى به، لكن سرعان ما تبدأ "الفرائس" بالالتفاف حول "الكتف المُنتصر" ، قد تكون هذه الفرائس هي الأعين الحاسدة التي لا ترى إلا الثمرة ولا تقدر الجهد، أو الطفيليون الذين يرغبون في الاستفادة من النجاح دون بذل أي عناء. وقد تكون أيضاً التوقعات اللامتناهية التي تُلقى على عاتقه، أو الانتقادات الهدامة التي تُوجه له عند أول تعثر بسيط ..

المأساة هنا ليست في محاولة أكل أكتاف الأبطال، بل في أن الأبطال أنفسهم قد يجدون صعوبة في حماية تلك الأكتاف التي أنهكتها المعارك، فالتركيز على الإنجاز المستمر، والتفاني المطلق، قد يجعلهم يهملون حماية أنفسهم، وتأمين ظهورهم، أو حتى إدراك من يستنزف طاقتهم وإلهامهم، هم يؤمنون بالبذل، بينما الآخرون قد يؤمنون بالاستهلاك.

إن هذا التساؤل "هل تؤكل أكتاف الأبطال؟" هي دعوة لنا جميعاً، سواء كنا قادة أو أفراداً في أي مكان، للتفكير في كيفية التعامل مع النجاحات الكبرى، هل نُكرِّم الأبطال حقاً ونحميهم؟ أم أننا نتركهم فريسة لتطلعات غير واقعية أو نوايا غير سليمة؟ فالبطل الحقيقي ليس فقط من يصنع النصر، بل من يستطيع الحفاظ على "أكتافه" قوية، قادرة على حمل الأعباء، وقادرة أيضاً على الدفاع عن نفسها في وجه من يحاول استنزافها .. دعونا نصنع بيئات تُقدِّر البطولة وتحمي الأبطال، لا بيئات تأكل أكتافهم .