*فهذا يعني أنك ميت ..!*

خليل إبراهيم القريبي ✍️
-------------------------------
"إذا لم يكن هناك صعود وهبوط في حياتك، فهذا يعني أنك ميت" مقولة فلسفية عميقة لهيرمان بيتر، تتجاوز حدود الوجود لتلامس جوهر مسيرتنا المهنية والشخصية، فلا يمكن للحياة المهنية أن تكون مساراً خطياً مستقيماً، بل هي أشبه برقصة متناغمة بين المد والجزر، بين الإنجازات الباهرة والتحديات العصية، وكلٌ منها يحمل في طياته دروساً قيمة وفرصاً للنمو ..
كثيرون يطمحون إلى الاستقرار المطلق، ويسعون لتجنب أي عقبة أو انتكاسة، لكن الحقيقة أن هذه "الصعودات والهبوطات" ليست مجرد أحداث عابرة، بل هي وقود التطور، فلحظات الصعود، من ترقية مستحقة، أو مشروع ناجح، أو تقدير من الزملاء، تمنحنا الثقة، وتعزز إيماننا بقدراتنا، وتدفعنا نحو آفاق أوسع، وهي بمثابة تتويج لجهودنا، وتأكيد على أننا نسير في الاتجاه الصحيح ..
في المقابل، فإن لحظات الهبوط –كفشل مشروع، أو خسارة فرصة، أو مواجهة نقد قاسٍ، أو حتى فترات من الجمود المهني– هي التي تصقل معادننا الحقيقية، وهذه التجارب المؤلمة أحياناً ليست نهاية المطاف، بل هي اختبار لقدرتنا على الصمود، وإشارة لإعادة التفكير، وإعادة تقييم، وتغيير المسار إذا لزم الأمر، وهي اللحظات التي نكتشف فيها مرونتنا الكامنة، نتعلم من أخطائنا، ونطور مهارات جديدة، ونبني شبكة دعم أقوى، حيث التحديات تفرض علينا الابتكار، وتجبرنا على الخروج من منطقة الراحة، مما يدفعنا إلى مستويات أداء لم نكن لنبلغها لولاها ..
إن القادة الأكثر تأثيراً، والمحترفون الأكثر تميزاً، ليسوا بالضرورة ممن لم يواجهوا صعوبات قط، بل هم أولئك الذين احتضنوا هذه التقلبات كجزء لا يتجزأ من رحلتهم، وتعلموا كيف يستفيدون من كل تجربة، وكيف يحولون الإخفاقات إلى دروس، والانتكاسات إلى فرص للانطلاق من جديد، إنهم يدركون أن الحياة المهنية التي تفتقر إلى هذه "الأمواج" هي حياة بلا نبض، بلا تعلم حقيقي، وبلا نمو مستدام ..
دعونا نتقبل هذه الدورة الطبيعية من الصعود والهبوط بامتنان وشجاعة، ففي كل منعطف، تكمن فرصة لاكتشاف ذواتنا بشكل أعمق، ولصقل مهاراتنا، ولترك بصمة حقيقية في عالمنا المهني، إنها الشهادة الحية على أننا نعيش، نتعلم، وننمو، ونسعى باستمرار نحو التميز، وهي طبيعة الحياة البشرية على الأرض .