سيرة عبدالعزيز الخشيبان ..

بقلم ـ محمد بن عبدالله العتيق
------------------------------------
من عدسة المدرسة إلى قمة الإعلام .. ومن قلب نجد النابض، وتحديدًا في إحدى محافظات منطقة القصيم، المحافظة التي تُعد من أكبر محافظاتها، تقف مدينة حالمة يفيض منها عبق الأدب والعلم والعراقة. إنها المدينة التي لقّبها المؤرخ اللبناني أمين الريحاني بـ"باريس نجد" حين زارها عام 1922م، مأخوذًا بروعة نخيلها، ونقاء أجوائها، وبهاء طبيعتها، وثرائها العلمي والثقافي الذي لا يكاد يوجد في غيرها من المدن المجاورة. هذا اللقب الذي أطلقه الريحاني لم يذهب هباءً، بل ظلّ رمزًا يفخر به أهل هذه المدينة، ويذكرونه في كل مناسبة، كدليل على مجد لا يُمحى.
في هذه المدينة، التي كان لها مواقف مشرّفة مع الدولة السعودية منذ بداياتها، ولها تاريخ من المواقف والإسهامات، ظهرت قامات وُلدت من رحم الطموح، وكبرت على أرض الكفاح، وسعت بخطى ثابتة نحو النجاح.
وفي أحد أركان مدارس هذه المحافظة، كان هناك فتى يحمل في عينيه إشراقة الأمل، وعلى كتفه كاميرا، وفي قلبه عشق للإعلام والعلاقات العامة. لم تكن الصور التي يلتقطها مجرد هواية عابرة، بل كانت أولى ملامح طريق طويل سار فيه الشاب بثقة وشغف. ذاك الشاب لم يكن إلا الزميل الأستاذ عبدالعزيز محمد الخشيبان، الذي تابع مسيرة طموحه حتى صار عَلَمًا بارزًا يُشار إليه بالبنان في الإعلام والعلاقات العامة، على مستوى القصيم والمملكة.
عرفته منذ سنوات طويلة، وتشرّفت بصحبته، ووجدت فيه أخًا صدوقًا، وزميلًا نبيلاً، وصوتًا إعلاميًا لا يُشق له غبار. هو أحد أركان المشهد الثقافي في عنيزة، بصوته الواضح، وبيانه اللبق، وحضوره البهيّ. متحدثٌ يملك ناصية الكلمة، وصاحب ذائقة أدبية وإعلامية قلّ نظيرها.
لم يكتفِ بالكلام، بل كان فعله أبلغ، فأسَّس جمعية "مراسم" للإعلام والعلاقات العامة بمحافظة عنيزة، لتكون بيتًا للمثقفين والإعلاميين، ومنبرًا للطرح الراقي، ومنصةً لصقل المواهب وتوجيهها. وقد تخرج على يديه كثير من الإعلاميين والممارسين الذين يدينون له بالفضل والتوجيه.
وقد شغل الأستاذ عبدالعزيز في حياته العملية مناصب كان جديرًا بها، ونجح في إدارتها بكل اقتدار، وجعل من كل مسؤولية يتقلدها فرصة لخدمة المجتمع، ونشر الوعي، وتعزيز الروابط والعلاقات. هو لم يكن يومًا موظفًا يؤدي عملاً فحسب، بل كان رسولاً للإعلام بمبادئه، ورائدًا في العلاقات العامة بقيمه وسلوكياته.
ومن كرم هذا الرجل وطيب أخلاقه، ووفائه لزملائه، أننا لا نكاد نجد مناسبةً إعلامية أو ثقافية أو اجتماعية تُقام في محافظة عنيزة، إلا وتصلنا منه دعوة رقيقة، تعكس روحه النبيلة، وحرصه على الشراكة الحقيقية مع من عرفهم وآمن برسالتهم. سواء كان هو من يشرف على هذه الفعاليات، أو كان غيره من المسؤولين، فإن عبدالعزيز لا ينسى أحدًا، ولا يُقصي زميلًا، بل يجسّد بحق معاني الزمالة والصداقة والمروءة في أجمل صورها.
وهذا ليس غريبًا على هذا الرجل، فهو لم يحب إلا من يحبه، ولم يقدّر إلا من يقدّره.
إننا حين نكتب عنه، لا نفيه حقه، ولا نوفيه مقامه، لكنه أقل واجب نقدّمه في حق رجلٍ أعطى، وبذل، ولا يزال، بخلقٍ رفيع، وتواضع جمّ، لا يطلب المدح، ولا يلوّح بالمآثر، بل يعمل بصمت، ويترك أثره ناصعًا في كل زاوية من زوايا عنيزة.
نحن نعلم أن زمن القراءة تغيّر، وأن الناس أصبحت تميل إلى الاختصار والانسيابية، لأجل ذلك نحن معشر المصممين نلجأ إلى تقديم المعلومات بتصميم (الإنفوجرافيك)، حتى يسهل على المتلقي معرفة ما نريد طرحه بأسلوب سلس وواضح ومختصر. ولهذا لا نطيل الحديث كثيرًا، ولكن حسبُنا من القلادة ما أحاط بالعنق، وهذه الكلمات التي بين أيديكم ما هي إلا عربون محبة، ووفاء، وإجلال، لهذا الرجل الذي يستحق التكريم والاحتفاء، لا في هذه السطور وحدها، بل في كل محفل وملتقى .