كيف أقود مُبادرات التحول المؤسسي بفعالية؟

بقلم ــ د. بجاد بن خلف البديري
-----------------------------
لم تعد مبادرات التحول المؤسسي خياراً استراتيجياً، بل ضرورة حتمية للمؤسسات التي تسعى للبقاء والازدهار في بيئة عمل متغيرة باستمرار، وقيادة هذه المبادرات بفعالية تتطلب أكثر من مجرد تخطيط؛ إنها تتطلب رؤية ومرونة، وقدرة على إلهام وتوجيه الفرق خلال التغيير، تماماً كما نرى في تجارب عالمية رائدة مثل تحول شركة Microsoft تحت قيادة ساتيا ناديلا، الذي نقلها من شركة برمجيات تقليدية إلى رائدة في الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي، أو محلياً مشروع مطار الملك سلمان الدولي الذي يجسد رؤية استباقية للتميز والتحول المستدام وفق رؤية 2030 ..
تبدأ القيادة الفعالة للتحول بتحديد رؤية واضحة ومُلهمة للوجهة النهائية، ويجب أن تكون هذه الرؤية سهلة الفهم ومقنعة، وتجيب على سؤال "لماذا" هذا التحول ضروري؟ إن صياغة رسالة قوية تُبين الفوائد على مستوى المؤسسة والأفراد هي الخطوة الأولى لكسب الدعم والالتزام، ولا يمكن لقائد واحد أن يحمل عبء التحول كاملاً، لذا يجب تشكيل فريق قيادي متكامل يضم ممثلين من مختلف المستويات والإدارات، يكونون مؤمنين بالتحول وقادرين على قيادة التغيير في أقسامهم، ليعملوا كسفراء للتحول، ينشرون الوعي ويدعمون المبادرات،
لأن التحول يخلق حالة من عدم اليقين، ولمواجهة ذلك، يجب على القائد تبني سياسة تواصل مفتوحة وشفافة، ويجب عليه أن يشارك التقدم المحرز والتحديات، والدروس المستفادة، واستخدام قنوات متعددة لضمان وصول الرسالة لجميع المعنيين بهدف تقليل الشائعات، وذلك لكون الموظفين هم قلب أي تحول، ويجب تمكينهم من خلال توفير التدريب اللازم لتطوير مهارات جديدة، ومنحهم الصلاحية للمساهمة وابتكار الحلول، فإشراكهم يعزز شعورهم بالملكية والالتزام بالنتائج ..
وللحفاظ على الحماس وتجاوز مقاومة التغيير، يتطلب التركيز على تحقيق "انتصارات سريعة" وملموسة في المراحل الأولى، هذه النجاحات، حتى وإن كانت صغيرة، تُظهر جدوى التحول، وتبني الثقة، وتولد زخماً إيجابياً يشجع على المضي قدماً، ونادراً ما تسير خطط التحول كما هو متوقع تماماً، لذا يجب على القائد التحلي بالمرونة الكافية لتكييف الخطط والاستراتيجيات بناءً على التغذية الراجعة، وتحديات السوق، والفرص الناشئة، مع إدراك أن التعلم من الأخطاء وتعديل المسار بسرعة هو مفتاح النجاح ..
اجعل من التحول عملية تعلم مستمر، وثّق الخبرات، وسجِّل الدروس المستفادة، وشجِّع على تبادل المعرفة داخل المؤسسة، هذا يضمن أن التغييرات ليست مجرد مشاريع عابرة، بل هي تراكم معرفي يعزز قدرة المؤسسة على التكيف والابتكار مستقبلاً. قيادة التحول المؤسسي ليست مهمة سهلة، لكنها مجزية، وبتطبيق هذه المبادئ، يمكن للقادة توجيه مؤسساتهم نحو مستقبل أكثر إشراقاً ومرونة .