دعوة .. لزراعة الحدائق والمنتزهات بثمار البيئة المحلية

بقلم ـ فاطمة محمد مبارك
-------------------------------
في ظل التحولات البيئية والاقتصادية التي يشهدها العالم، لم تعد المدن تُبنى فقط بالإسمنت والطرق، بل أصبحت جودة المدينة تُقاس بقدرتها على تحقيق التوازن بين العمران والطبيعة، بين الجمال والمنفعة، بين الحداثة والجذور ومن هذا المنطلق، تبرز أهمية فكرة زراعة الحدائق العامة، والشوارع ، والمنتزهات بأشجار مثمرة من البيئة المحلية، كخطوة واعية نحو مدن أكثر استدامة وهوية أكثر تجذراً ..
لطالما اقتصرت المساحات الخضراء في كثير من مدننا على أشجار الزينة والنخيل غير المثمر، لأسباب تتعلق بالمظهر أو سهولة الصيانة ،لكن مع تزايد الوعي البيئي، والاهتمام بجودة الحياة، ودعوات تنويع الغطاء النباتي، أصبح من الضروري أن ننتقل من منطق “تجميل المدن” إلى “إنتاج المدن”، بحيث لا تكون الطبيعة مجرد خلفية خضراء، بل جزء حيوي من الحياة اليومية ،أذ تزخر بيئتنا السعودية بتنوع نباتي غني، من التمور بأنواعها إلى عناقيد العنب الرمان ،التوت والتين ،الحمضيات، الورود والنباتات العطرية ،الزهور البريةوالتوابل وغيرها من الكنوز الزراعية المحلية..
أن زراعة الأشجار المثمرة في الشوارع ليست ترف بيئي بل مشروع وطني مستقبلي يحمل أبعاد اجتماعية، واقتصادية، وثقافية،تخيل أن تسير في شوارع الحي أو تتجول في الحدائق العامة والمنتزهات الطبيعية، فتجد شجرة تين ناضجة، أو نخلة مثمرة، ليست للبيع ولا للتجارة، بل هدية من الأرض لأهلها ،ثروات طبيعية تكفي لبناء مدن أجمل ..
ورغم ما تحمله هذه المبادرة من جماليات يجب الأخذ بالحسبان مواجهة مجموعة من التحديات التي تتطلب تخطيط دقيق وتعاون فعّال بين الجهات المختلفة،من بين هذه التحديات، اختيار الأنواع المثمرة المناسبة التي تتلاءم مع المناخ المحلي ونوع التربة، بالإضافة إلى اعتبارات البنية التحتية، تكلفة الأشجار المثمرة المالية أكبر من تلك الخاصة بأشجار الزينة، بما في ذلك تكاليف الرعاية والصيانة الدورية، مما يستدعي أيضًا زيادة الوعي المجتمعي والمشاركات التطوعية لضمان بقاءها واستدامتها ..
ولكن هذه التحديات ليست عائقًا، بل دافعًا لتطوير آليات عمل مشتركة بين البلديات، والمزارعين، والمجتمع المحلي، مع إمكانية الاستفادة من التجارب العالمية في هذا المجال ..
والى جانب المنفعة البيئية والجمالية، تفتح هذه المبادرة أبواب لفرص اقتصادية واجتماعية وسياحية، منها تحسين جودة الهواء والمنظر العام ،خلق وظائف في مجالات الزراعة الحضرية والصيانة تشجيع السياحة البيئية ،دعم التنوع الحيوي في المدن ،تعزيز ثقافة العطاء والأنتماء بين السكان ..
وفى الختام ..متى نبدأ ؟
زراعة الحدائق بثمار البيئة المحلية ليست مجرد مبادرة خضراء، بل مشروع وطني يحمل في طيّاته أبعادتنموية شاملة،وهو في متناول التنفيذ، إذا ما تحققت الرؤية، وتوفرت الإرادة ..
والسؤال الذي يجب أن يُطرح اليوم :
ليسَ هل يمكننا ..؟
بل : متى نبدأ ..؟!