ألم الفراق

بقلم ــ أ. عبدالله أحمد هيازع الأسمري.
في لحظةٍ عابرةٍ من عمر هذا الزمان المثقل بالجراح، وفي وقتٍ تهاوت فيه الأفراح تحت وطأة الأقدار، كتب الله أمراً لا مردّ له، فاصطفى إلى جواره روحاً طاهرة، ووجهاً بشوشاً، وقلباً عامراً بالمحبة والصدق والإخلاص.
مضى الصديق والزميل الغالي "حمد بن إبراهيم" مضى على حين غفلةٍ منا، وفي وقتٍ لم نكن نعلم أنه الموعد الأخير، اللقاء الأخير، النظرة الأخيرة.
خرج من بيته كعادته، يحمل في قلبه البسمة التي لم تفارقه، متوجهاً إلى مناسبةٍ اجتماعيةٍ طالما انتظرها وأجلتها الظروف، وما كان يدري، ولا كنا ندري، أن تلك الخطوات التي خطاها بثقة وأمل، كانت تمضي به نحو خاتمةٍ كتبها الله له بخير، وعلى طاعة، وفي وقت صلاة، وفي ساعة ذكر ووضوء… وهل هناك ختام أطيب من أن يُقبض العبد وهو على طُهر واستعداد للقاء ربه؟
سقط بين أحبته، بين زملائه الذين لم يدّخروا جهداً في محاولة إسعافه، ولكن… كانت إرادة الله نافذة، لا ترد ولا تُبدل، فصعدت الروح إلى بارئها، وخلت الدنيا من وجهٍ ألفناه، وحديثٍ أحببناه، وروحٍ كنا نجد فيها السكينة.
هكذا هي الحياة…
نظن أننا نملك الوقت، ونبني آمالنا على غدٍ لا نعلم إن كنا سنلقاه. نحمل في دواخلنا أوهامًا، ونجري خلف سراب متقلب، ولا يبقى معنا في نهاية المطاف سوى العمل الصالح، وذكر الناس الطيب، والدعوات التي تُرفع لنا في ظهر الغيب.
لقد عرفته زميلاً وفياً في جامعة الملك عبدالعزيز، ورفيق درب في عمله بمحافظة محايل، وكان مثالاً يُحتذى في الخلق، والعطاء، وحُسن المعاملة. والناس، كما قيل، شهود الله في أرضه، وقد رأينا كيف امتلأت قلوبهم حُزناً، وكيف ضجّت ألسنتهم بالدعاء، وكيف اجتمع المئات للصلاة عليه ومواراته الثرى، في مشهدٍ تهتز له القلوب، وتُذرف له الدموع، شهادةً له ومحبةً فيه.
نسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته، ويجعل قبره روضةً من رياض الجنة، وأن يجزيه عن كل ما قدم في دنياه خير الجزاء. وأن يرحمنا إذا صرنا إلى ما صار إليه، وأن يحسن ختامنا أجمعين وأن يجعل الفردوس الأعلى مثواه، ومأواه.
إنا لله وإنا إليه راجعون…