*النوموفوبيا* أو (الخوف من الانفصال عن الهاتف)

بقلم الدكتور : محمد بن مرضي
في عصر التكنولوجيا المتسارعة، أصبح الهاتف المحمول جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية ، إلا أن هذا الاعتماد المفرط أدى إلى ظهور ظاهرة جديدة تُعرف بـ"النوموفوبيا" (Nomophobia)، وهي اختصار لعبارة "No Mobile Phone Phobia"، وتعني الخوف أو القلق من فقدان الاتصال بالهاتف المحمول أو عدم القدرة على استخدامه.
وتعرّف النوموفوبيا علمياً على أنها حالة نفسية يشعر فيها الفرد بالقلق أو التوتر عند فقدان الهاتف المحمول، أو نفاد بطاريته، أو فقدان الشبكة، أو حتى التفكير في الابتعاد عنه ، تُعتبر هذه الحالة نوعًا من الإدمان السلوكي المرتبط باستخدام التكنولوجيا.
وتشير الدراسات الحديثة إلى انتشار النوموفوبيا حيث أنها أصبحت ظاهرة شائعة بين مختلف الفئات العمرية، خاصةً بين الشباب والطلاب الجامعيين ، ففي نتائج دراسة بحثية شملت طلاب الجامعات في خمس دول عربية، وجدت أن الاعتماد على الهواتف المحمولة كان شائعًا بينهم، مما يشير إلى انتشار النوموفوبيا في هذه الفئة.
وترتبط النوموفوبيا بعدة آثار نفسية واجتماعية سلبية تؤثر على الصحة النفسية والاجتماعية للشخص ، مثل القلق والتوتر ويزداد الشعور بهما عند فقدان الهاتف أو عدم القدرة على استخدامه ، وكذلك العزلة الاجتماعية فنجد تفضيل البعض من الأشخاص التفاعل عبر الهاتف بدلاً من التفاعل وجهًا لوجه، مما يؤدي إلى ضعف العلاقات الاجتماعية ، ومن الآثار السلبية تدني الأداء الأكاديمي لدى الأشخاص فقد أظهرت بعض الدراسات أن الإفراط في استخدام الهاتف المحمول قد يؤثر سلبًا على التحصيل الدراسي وكذلك ملكة التحليل والحفظ والتذكّر.
ومن هنا قد تظهر عوامل الخطر في تتعدد العوامل التي قد تسهم في تطور النوموفوبيا، ومنها الاعتماد المفرط على الهاتف في أغراض التواصل، والترفيه، والعمل ، وكذلك ظهور القلق الاجتماعي حيث يستخدم البعض الهاتف كوسيلة لتجنب التفاعلات الاجتماعية المباشرة ، وملاحظة انتشار قلة الوعي بعدم وجود مشكلة في الاستخدام المفرط للتكنولوجيا.
ولمواجهة النوموفوبيا والسيطرة على الارتباط النفسي والسلوكي، يمكن للأشخاص اتباع عدد من الاستراتيجيات العلاجية مثل تحديد أوقات لاستخدام الهاتف وتخصيص أوقات للراحة منه ، وكذلك ممارسة أنشطة بديلة مثل القراءة، والرياضة، والتفاعل الاجتماعي المباشر ، كما يمكن للأشخاص الاستشارة النفسية في الحالات الشديدة، وقد يكون من المفيد التحدث مع مختص نفسي ، كما يلعب الإعلام دوراً بارزاً في التوعية بمخاطر الاستخدام المفرط للتكنولوجيا وأهمية التوازن في الحياة الرقمية.
وتعتبر النوموفوبيا انعكاساً للتحديات التي نواجهها في عصر التكنولوجيا ولكن من خلال الوعي والاعتدال في استخدام الأجهزة الذكية، يمكننا الحفاظ على صحتنا النفسية والاجتماعية، والاستفادة من التكنولوجيا دون أن نكون أسرى لها.