|

"الذهب الأبيض" يغزو الأسواق: 3.7 مليار ريال من صادرات الملح بحلول منتصف 2025

الكاتب : الحدث 2025-07-26 07:56:59

 

تشهد صناعة الملح في المملكة نموًا ملحوظًا واهتمامًا متزايدًا من قبل وزارة الصناعة والثروة المعدنية.

هذا الاهتمام يتجسد في إطلاق فرص استثمارية متعددة تشمل رخص الكشف الجيولوجي لخام الملح، ورخص تشغيلية للمصانع المتخصصة في إنتاج الملح وتعبئته عبر مدن ومحافظات المملكة.

إنتاج ضخم وتصدير عالمي

بحلول منتصف عام 2025، تمكن 27 مصنعًا وطنيًا للملح، الذي يلقب بـ**"الذهب الأبيض"**، من إنتاج كميات كبيرة من الملح الخام متعدد الاستخدامات. بلغت القيمة الإجمالية لهذه المنتجات التي غذت الأسواق المحلية والعالمية 3.7 مليار ريال سعودي. وقد تجاوزت قيمة صادرات الملح الخام السعودي، المستخدم في الصناعات الدوائية والغذائية والصناعية، 18 مليون ريال سعودي خلال الفترة من عام 2024 وحتى النصف الأول من عام 2025. شملت هذه الصادرات وجهات دولية متنوعة مثل الأردن، الإمارات، البحرين، السودان، الصومال، الكويت، اليمن، اليونان، جيبوتي، عُمان، قطر، ليبيا، ماليزيا، موريتانيا، وإندونيسيا.

كنوز الملح في المملكة

تتركز مخازن الملح الطبيعية في السبخات الملحية المنتشرة على طول ساحل الخليج العربي بالمنطقة الشرقية، والذي يمتد لأكثر من 1200 كيلومتر من الخفجي شمالًا وصولًا إلى العقير جنوبًا. من أبرز هذه السبخات سبخة رأس القرية الساحلية بمحافظة بقيق، التي تبعد حوالي 4 كيلومترات عن البحر. تتميز هذه السبخة بإنتاج ملح طبيعي عالي النقاوة يطفو على سطح الأرض ويمتد بعمق يصل إلى 5 أمتار.

يُستخرج الملح البحري بشكل أساسي في فصل الصيف، عبر تجفيف مياه الأمطار ومياه البحر في السبخات الملحية بواسطة أشعة الشمس لتبخير المياه والحصول على الملح الخام. بعد ذلك، يتم تغليفه وتعبئته وتصديره. كما يُستخرج الملح من الصخور الغنية بكلوريد الصوديوم كالهاليت، ومن مناجم الملح الطبيعية، وبعض البرك الطبيعية.

دعم الصناعات وتحقيق رؤية 2030

تُعد صناعة الملح محركًا أساسيًا لدعم الصناعات التحويلية والبتروكيماوية، إضافة إلى إنتاج ملح الطعام المكرر عالي النقاوة الذي يدخل في الصناعات الغذائية. أما الملح الخام المستخرج من سبخة رأس القرية، فيُحوّل إلى ملح صناعي خالٍ من الشوائب بنسبة نقاوة تتجاوز 99% من كلوريد الصوديوم.

وأكد فهد القحطاني، المدير العام لشركة مسفر للتعدين والخدمات اللوجستية، أن المملكة تتمتع بمخزون استراتيجي ضخم في قطاع التعدين، وأن صناعة الملح تمثل ركيزة أساسية تُستخدم في العديد من المجالات الصناعية، الغذائية، والدوائية. وأوضح القحطاني أن رؤية المملكة 2030 تولي قطاع التعدين اهتمامًا خاصًا لدوره الحيوي في دعم الاقتصاد الوطني.

كما بيّن أن السبخات الملحية منتشرة في عدة مناطق بالمملكة، وخاصة المنطقة الشرقية، مشيرًا إلى أن سبخة رأس القرية في بقيق، بفضل موقعها الجغرافي على ضفاف الخليج العربي، تحتوي على كميات هائلة من الملح البحري والصخري. وأوضح أن خام الملح يتكون عبر آلاف السنين، عندما تدخل مياه البحر إلى السبخات الرملية المنخفضة، تتبخر بفعل حرارة الشمس، ثم يُرفع الترسب الملحي ويُعاد غسله داخل المنجم للحصول على الملح النقي الذي يُكرر ويُهيأ للاستخدامات الغذائية والصناعية.

من جانبه، تحدث المتخصص في مجال التعدين المهندس أحمد العوض، عن نوعي الملح الأساسيين في المملكة: الملح الصخري الذي يتكون من مياه البحر ويمتاز بنقاوة عالية وكميات إنتاج كبيرة، ويستخدم في الجانبين الصناعي والغذائي؛ والملح المتكون بتبخير المياه الجوفية، والذي يكون بكميات أقل وجودة أدنى.

وأكد العوض أن اختيار مناجم الملح في المنطقة الشرقية يتم بناءً على مسح جيولوجي دقيق لتحديد كمية المخزون. وكشف أن بعض المواقع في سبخة رأس القرية تتجاوز مخزون الملح فيها 5 ملايين طن من الملح الخام المتجدد، موضحًا أن الاستخراج يتم عبر حفر خنادق بعمق يصل إلى 4 أمتار داخل المناجم، مع مراعاة المعايير البيئية والحفاظ على الثروة المعدنية.