يشهد المشهد المالي العالمي تحولًا جذريًا، حيث ارتفعت حيازات البنوك المركزية من الذهب بشكل غير مسبوق، لتتجاوز قيمتها لأول مرة منذ عام 1996 حيازة سندات الخزانة الأمريكية. هذا التغيير يعكس استراتيجية جديدة للبنوك المركزية التي تسعى لتنويع احتياطياتها بعيدًا عن الأصول التقليدية القائمة على الدولار.

تراجع الدولار وصعود الذهب

وفقًا لبيانات مجلس الذهب العالمي وشركة "كريسكات كابيتال"، شكل الذهب ما يقارب 27% من إجمالي الاحتياطيات العالمية، وهي أعلى نسبة منذ 29 عامًا. في المقابل، تراجعت حصة سندات الخزانة الأمريكية إلى حوالي 23%، وهو أدنى مستوى لها منذ الأزمة المالية العالمية عام 2008.

بدأ هذا التحول في الظهور قبل عقد من الزمان، لكنه تسارع بشكل ملحوظ في عام 2022، خاصة بعد تجميد احتياطيات روسيا من العملات الأجنبية من قبل مجموعة السبع. هذا الإجراء دفع العديد من الدول للبحث عن ملاذات استثمارية أكثر أمانًا واستقلالية.

سياسات عالمية تعزز جاذبية المعدن النفيس

بين عامي 2015 و2025، اشترت البنوك المركزية نحو 3500 طن من الذهب، ليصل إجمالي حيازاتها إلى قرابة 36500 طن، وهو أعلى مستوى منذ سبعينيات القرن الماضي. ويعزو الخبراء هذا الاندفاع نحو الذهب إلى عوامل عدة، منها استمرار السياسات الحمائية مثل الرسوم الجمركية التي فرضتها الإدارة الأمريكية السابقة، بالإضافة إلى توجه البنوك المركزية إلى خفض أسعار الفائدة، مما يجعل الذهب خيارًا استراتيجيًا للتحوط من المخاطر.

مكاسب قوية ومستقبل واعد

استمرت أسعار الذهب في تحقيق مكاسب قوية، حيث بلغت قيمة الأوقية 3447 دولارًا، بارتفاع يقارب 28% منذ بداية عام 2025، بعد أن قفزت بنحو 26% في عام 2024. وتشير التوقعات إلى استمرار هذا الاتجاه، حيث كشف استطلاع حديث لمجلس الذهب العالمي أن 95% من البنوك المركزية تتوقع زيادة احتياطياتها من الذهب خلال الـ12 شهرًا القادمة، مما يؤكد مكانة الذهب كركيزة أساسية في النظام المالي العالمي.