بقلم ــ زياد الدليمي
-------------------

العُلا مدينة تقع شمال غرب المملكة العربية السعودية ،، تحتوي تضاريس العلا كنزًا من الشواهد والمعالم الأثرية المهمة التي تروي لنا تاريخ جميل يستحق التأمل والبحث ،، العُلا قصة تاريخية نرى فيها عمق التاريخ ووفق رؤية سمو ولي العهد انتقلت من المحلية إلى العالمية لتصبح مكان مهما حاضنا للتاريخ وملتقى العالم ،،
تعود فترات العُلا التاريخية إلى العصر الحجري القديم أي حقبة ما قبل التاريخ حيث نشاهد فيها جمال ودقة الفنون الصخرية المنتشرة في أنحاء المنطقة، وتُقدّم لمحة عن الاستيطان البشري المبكر وطرق حياة الناس في تلك الحقبة ،،
احتلت مدينة العُلا موقعًا متميزًا تمثل بشبكة تجارية تاريخية من المسارات المعروفة باسم «طريق البخور» نقلت خلاله السلع القيمة : كاللبان ، والمر ، والتوابل ، والجواهر عبر طرق تمتد لآلاف الكيلومترات . وكانت هذه المسارات حلقة وصل بين الجزيرة العربية والبحر الأبيض المتوسط وشمال أفريقيا وبلاد الرافدين والمحيط الهندي حيث ربطت الثقافات ببعضها عبر القارات والمناطق ،، وخلال الألف الأول قبل الميلاد ظهرت في العلا مملكتي دادان ولحيان، وهما من أبرز الحضارات القديمة في شبه الجزيرة العربية ، وقد كان لهذه الممالك دور هام على الصعيد التجاري والاقتصادي آنذاك و يتضح من تخطيط المدن والهندسة المعمارية والنقوش الصخرية بأنواعها الخدش والحز والنقر ، ويبدو لنا أنها كانت مركزًا مهما للأنشطة التجارية والدينية والاقتصادية ،،
وقد أُدرج موقع الحِجر (مدائن صالح) في قائمة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" عام 1429هـ/2008م ؛ بسبب أهميته التاريخية عالميًا ، وكذلك لما يحتويه من معالم وشواهد ونقوش أثرية في غاية الإتقان ،، وحديثنا عن آثار العُلا يقودنا إلى المدينة القديمة، التي يعود تاريخها إلى القرن 14 م وهي عبارة عن منطقة تاريخية لنحو 800 منزل تنتشر حول قلعة مرتفعة بمواجهة الأراضي الزراعية وترتفع البلدة القديمة 70 مترًا عن سطح البحر ،، تتوسط البلدة القديمة قلعة موسى بن نصير وهو مبنى من الحجر المشذب المقام على رأس هضبة صغيرة ، وتتكون القلعة من الحجارة الرملية ، وسور خارجي يحيط بقمة الجبل ، وتحتوي على عدد من فتحات المراقبة والرماية ،، وتبلغ مساحة القلعة 180م مربع وارتفاعها 45م عن مستوى البلدة القديمة ،، ويمكن الصعود لها عبر درج حلزوني يحوي أكثر من 300 درجة من الحجارة المرصوفة بإتقان جُمعت من المناطق المحيطة ،،
وكذلك "مقابر الأسود" هي أيضا منطقة أثرية داخل محافظة العُلا، وتمثل جزءًا من أطلال مدينة دادان.
احتوت "الخريبة" على مقابر الأسود الأربعة التي تعلو مقبرتين جنوب موقع الخريبة ،، أبرزها نحت الأسد ،،
ومن المواقع الأثرية الأخرى في العلا جبل عكمة نُحت على هذا الجبل العديد من النقوش والمنحوتات التي تعود إلى عصر الدادانيين واللحيانيين ،، والتي توضح لنا أصول اللغة العربية ،، مع تدوين بعض الطقوس القديمة على جوانب الجبل ،،
ختاما ،، تاريخ العلا حافل بالآثار الفريدة التي تؤكد أهميتها على الصعيد الثقافي والسياحي فقد فتحت مدينة العلا آفاق جديدة للسياحة وهذا يظهر بشكل واضح في تزايد أعداد السائحين الذين يأتون إليها في مختلف الأوقات لمشاهدة تاريخها وجمالها .