مستقبل الشراكات الناجحة ومعاييرها ..!

بقلم : د / بجاد بن خلف البديري
----------------------------------
لم تعد القدرة على العمل المنفرد كافية لتحقيق الأهداف الكبرى، فقد أصبحت الشراكات والتحالفات الاستراتيجية الركيزة الأساسية للنمو والابتكار والتوسع، سواءً للشركات، المؤسسات الحكومية، أو الكيانات غير الربحية، لكن نجاح هذه التحالفات لا يأتي مصادفة، بل يستند إلى معايير دقيقة تضمن التوافق والمضي قدماً نحو الأهداف المشتركة ..
أول هذه المعايير هو الرؤية والأهداف المشتركة، إذ يجب أن تتفق الأطراف المتحالفة على الصورة الكبيرة لما يرغبون في تحقيقه، وأن تكون أهدافهم متكاملة وليست متنافسة، يلي ذلك تكامل القدرات ونقاط القوة؛ فكل شريك يجب أن يجلب معه قيمة فريدة تسد فجوة أو تعزز جوانب القوة لدى الطرف الآخر، سواءً كان ذلك في الخبرة التقنية، أو الوصول إلى الأسواق والموارد المالية، أو المعرفة المتخصصة، وغيرها ..
ثانياً : تُعد الثقة المتبادلة والشفافية هي العمود الفقري لأي شراكة مستدامة، حيث بناء هذه الثقة يتطلب صراحة في التعامل، ووضوحاً في التوقعات، والتزاماً بالوعود، كما أن قنوات الاتصال الفعالة والمستمرة ضرورية لضمان التفاهم وحل أي خلافات قد تنشأ بمرونة، ويجب أن ترتكز الشراكة على المنفعة المتبادلة، بحيث يشعر كل طرف بأنه يحقق مكاسب حقيقية تتناسب مع مساهماته ومخاطره ..
لا يوجد مثال يجسد قوة الشراكات الاستراتيجية أفضل من رؤية السعودية 2030، التي أصبحت نموذجاً محلياً وإقليمياً وحتى عابراً للحدود في نطاق الشراكات الفاعلة، والتي لم تقتصر على التعاون بين القطاعين العام والخاص، بل امتدت لتشمل تحالفات دولية ومساهمات مجتمعية، كلنا قرأناها واطلعنا عليها بفخر عظيم ، هذا التكامل والتعاون غير المسبوقين، القائمين على رؤية مشتركة وأهداف واضحة، هو ما دعَّم تحقيق معظم مستهدفات الرؤية قبل حلول موعدها، وأسهم في إنجاز مشاريع عملاقة وتحولات اقتصادية واجتماعية جذرية، ليقدم للعالم أجمع نموذجاً يُحتذى به في التعاون الاستراتيجي الفعال ..
( وختاماً ) : إن اختيار الشريك المناسب وتحديد أسس التحالف بوضوح يمثل استثماراً استراتيجياً حقيقياً، فالشراكات الناجحة ليست مجرد عقود، بل هي علاقات بناءة تُضاعف القوة، وتُقلل المخاطر، وتُسرّع الوصول إلى الأهداف الطموحة، فاتحةً آفاقاً جديدة للنمو والابتكار في عالم متغير .