|

(مدرستي) .. تتويجٌ عالميٌّ لريادةٍ سعوديةٍ في التعليم الرقمي

الكاتب : الحدث 2025-07-09 05:33:05

بقلم   ــ حسن بن محمد المباركي
——————————


يعيشُ العالمُ اليومَ ثورةً تقنيةً مُتسارعة، تُعيدُ رسمَ ملامحِ الحياة، وتُحدِثُ تحوّلاتٍ جذريةً في شتَّى القطاعات، وعلى رأسها قطاعُ التعليم ..

فلم تَعُد التقنيةُ أداةً مساندةً فحسب ، بل غدت شريكًا فاعلًا في صياغةِ المحتوى ، وتيسيرِ الوصولِ إليه ، وابتكارِ أساليبَ حديثةٍ للتعلُّم، تُواكبُ روحَ العصرِ، وتستشرفُ آفاقَ المستقبل ..

وفي قلب هذا المشهدِ العالميِّ المتسارع، بزغَ نجمُ المملكةِ العربيةِ السعوديةِ بوصفها أنموذجًا رياديًّا في توظيفِ التقنيةِ الحديثةِ، لا على سبيلِ التبعيةِ أو التقليد، بل ضمنَ رؤيةٍ وطنيةٍ شاملة، تنطلقُ من ثوابتِ الهوية، وتتطلعُ إلى آفاقِ الريادةِ العالمية، رؤية تُؤمن بأنَّ التعليمَ الرقميَّ ليسَ خيارًا طارئًا، بل هو ضرورةٌ حتميةٌ، وأداةٌ إستراتيجيةٌ لبناءِ الإنسانِ الواعي، القادرِ على الإبداعِ والإنتاجِ في بيئةٍ معرفيةٍ متجددة ..

وقد تجسّدتْ هذه الرؤيةُ الطموح في منصة "مدرستي"، التي انبثقت من قلب التحدّيات خلال جائحة كورونا، لكنّها لم تبقَ رهينة لذلك الحدث المؤقت، بل تحوّلتْ-بفضلِ التخطيطِ المحكمِ، والتنفيذِ المتقَنِ، والتطويرِ المستمرّ إلى مشروعٍ وطنيٍّ شامل، ومنصةٍ رائدةٍ، تمزجُ بين الجوانب التقنيةِ والجوانب التربويةِ، وتربطُ بين الحاضرِ والمستقبل ..

وتأكيدًا لهذا التميّز، تُوِّجت المملكةُ–مُمثَّلةً بوزارةِ التعليم– بالجائزةِ الكبرى في فئةِ التعليمِ الإلكترونيِّ، ضمن جوائز القمة العالمية لمجتمع المعلومات (WSIS) لعام ٢٠٢٥، عن منصة "مدرستي"، التي طوّرها نخبةٌ من الكفاءاتِ الوطنيةِ بقدرات عاليةٍ، وأحدثتْ نقلةً نوعيةً في منظومةِ التعليمِ العامِّ داخل المملكة ..

ويمثلُ هذا التتويجُ إنجازًا وطنيًّا رائدًا، ولبنةً راسخةً في مسارِ التحولِ الرقميِّ الشامل، الذي تبنّتْه المملكةُ ضمنَ رؤيتها الطموح 2030، فقد استطاعتْ وزارةُ التعليم أن تبني منظومةً تعليميةً رقميةً متكاملة، تخدمُ أكثرَ من (ستةِ ملايين طالبٍ وطالبة)، ونحو (نصفِ مليون معلمٍ ومعلمة)، في بيئةٍ تعليميةٍ حديثة، تسودُها المرونةُ، وتزدهرُ فيها المهاراتُ الرقميةُ، وتُعزّزُ فيها قيمُ التفاعلِ الذكيِّ والمشاركةِ الفاعلة ..

وتُعدّ جائزة (WSIS) من أبرز الجوائزِ الدوليةِ التي تُعنى بتقديرِ المبادراتِ الرائدةِ في توظيفِ تكنولوجيا المعلوماتِ والاتصالاتِ لخدمةِ التنميةِ المستدامة .. 

ومن ثَمَّ، فإن فوزَ "مدرستي" بهذه الجائزةِ ليس مجردَ تكريمٍ عابر، بل هو شهادةٌ دوليةٌ ناطقةٌ على ريادةِ المملكةِ وتقدُّمِها في ميدان التعليم الرقمي عالميًّا ..

وقد خاضت وزارةُ التعليم هذه المنافسةَ بثقةٍ تستند إلى رؤيةٍ طموح، وخطةٍ منهجيةٍ محكمة؛ ابتدأتْ بدراسةٍ معمَّقةٍ للمعاييرِ الدولية، وأعقبتْها باختيارِ المشروعِ الوطنيِّ الأجدر، ثم رفعتْه رسميًّا في يناير 2025م، فكان التأهُّل في مارس، تلاه فتحُ بابِ التصويتِ في أبريل، وسطَ حملاتٍ إعلاميةٍ وطنيةٍ مكثَّفة، أسهمتْ في نشر الوعي، وترسيخِ المشاركةِ المجتمعية ..

ولم يكنْ هذا النجاحُ أن يتحقّقَ لولا تكاملُ الجهودِ الوطنية، وتضافرُ الطاقاتِ المؤسسيةِ؛ إذ كان لهيئةِ الاتصالاتِ والفضاءِ والتقنية- متعاونةً مع هيئةِ الحكومةِ الرقمية–دورٌ محوريٌّ في التمكينِ الفنيِّ والإجرائيِّ، بصفتِها الراعيَ الوطنيَّ الرسميَّ للجائزة، والمُمكِّنَ الرئيسَ في منظومةِ التحوُّلِ الرقميِّ داخل المملكة ..

كما أظهر هذا الإنجازُ كفاءةَ الكوادرِ السعوديةِ الشابة، التي أثبتتْ قدرتَها على إنتاجِ حلولٍ تعليميةٍ رقميةٍ منافِسةٍ عالميًّا، مستلهمةً في ذلك دعمَ القيادةِ الرشيدة، ومُرتكِزةً على إرادةٍ وطنيةٍ لا تعرفُ التواني، وطموحٍ لا يعرفُ الاكتفاء ..

إن هذا التتويج العالمي يعدُّ
 تحولاً بارزًا في مسيرة التعليم الرقمي السعودي، ورسالةً واضحة تؤكد التزام المملكة بتقديم نموذج مُلهم في توظيف التقنية لخدمة الإنسان والتنمية، بما يُعزز مكانتها الدولية، ويُرسّخ قدرتها على الجمع بين الأصالة والمعاصرة، في بناء مستقبل تعليمي أكثر وعيًا وعمقًا؛ ليُواكب التطورات التقنية، ويُسهم في تحقيق رؤية المملكة 2030 التي جعلت التعليم والتحول الرقمي ركيزتين أساسيتين لبناء وطن طموح ومجتمع معرفي مزدهر ..

إنَّ فوزَ المملكةِ بالجائزةِ العالميةِ ليس نهايةَ الطريقِ، بل هو محطةٌ مشرقةٌ على دربٍ طويلٍ من الإبداعِ والتجديدِ، وتتويجٌ لجهودٍ مخلصة، ورؤيةٍ طموح، وعملٍ وطنيٍّ جادّ، ورسالةٌ تؤكّدُ أنَّ المملكةَ قادرةٌ على أن تُقدّمَ للعالمِ نموذجًا ملهمًا في توظيفِ التقنية لخدمةِ الإنسانِ والتنمية، في توازنٍ فريدٍ بين أصالةِ الهوية، ومواكبةِ العصر، واستشرافِ المستقبل ..

وستظلُّ "مدرستي" عنوانًا للفخرِ، ورمزًا للتطوّر، ودليلًا حيًّا على أن الاستثمارَ في الإنسانِ والمعرفةِ هو استثمارٌ لا يخسرُ أبدًا، بل هو الطريقُ الأقصرُ لبناءِ وطنٍ طموحٍ، ومجتمعٍ معرفيٍّ مبدع، ومستقبلٍ يليقُ بعزيمةِ السعوديين .