|

حين يكون الرضا هو الثروة

الكاتب : الحدث 2025-07-21 05:27:40

بقلم ـ نايف العجلاني

في عصر تتسارع فيه وتيرة الحياة،  وتتصدر فيه مفاهيم الثراء المادي عناوين الطموح، باتت القوة تُقاس بالأرصدة البنكية، والنفوذ يُبنى على حجم الثروات. المال لم يعد وسيلة فحسب، بل أصبح غاية يسعى خلفها كثيرون بلا هوادة. ومع هذا اللهاث المتواصل، يبرز سؤال جوهري: هل الثروة الحقيقية تقاس بالأرقام، أم بشيء أعمق وأكثر ثباتًا؟

الواقع أن المال، على أهميته، لا يكفل السعادة ولا يضمن الاستقرار النفسي. كثيرون ممن بلغوا القمة ماليًا لم يبلغوها شعوريًا، وظلوا أسرى الرغبة في المزيد، ضائعين بين حسابات الطموح والقلق من الفقد.

في المقابل، نرى فئة أخرى من الناس أصحاب الدخل المحدود أو المتوسط يعيشون في سكينة ورضا لا يملكون ملايين، لكنهم يملكون قلوبًا عامرة بالقناعة، وعيونًا ترى الجمال في التفاصيل البسيطة. هؤلاء، في نظر الكثير من الحكماء، هم الأثرياء الحقيقيون.

الرضا لا يعني الاستسلام، ولا يتعارض مع الطموح، بل هو حالة من التوازن؛ أن تعمل وتجتهد وتطمح، دون أن تُعلّق سعادتك على رقم في حساب، أو مرتبة في سباق. القناعة ليست عجزًا، بل ذكاء نفسي يجعل الإنسان يعيش ممتنًا، لا متذمرًا.

وقد أثبتت دراسات عدة في علم النفس الإيجابي أن الأشخاص الأكثر قناعة يميلون إلى الشعور بالسعادة والرضا العام عن الحياة، ويتمتعون بصحة نفسية أفضل من أولئك الذين يرتبط شعورهم بالقيمة الذاتية بما يملكون ماديًا.

المعضلة لا تكمن في امتلاك المال، بل في أن يمتلكنا المال. حين يتحول إلى سيد يتحكم في مشاعرنا، يصبح حينها نقمة لا نعمة. الثروة الحقيقية تبدأ عندما يتحول المال إلى وسيلة تُيسر حياتنا لا تُقيّدها، وتُثري تجاربنا لا تُفرغها من معناها.

خاتمة ..
في عالم لا يتوقف عن الدفع نحو المزيد، كن أنت المتزن. لا تدع سباق الثراء يسلبك متعة الرحلة. عش حياتك بقلب ممتن، وعقل واعٍ بأن الرضا ليس خط نهاية ، بل هو بداية لحياة مليئة بالسلام الداخلي.

فالقناعة كنز لا يفنى، والرضا ثراء لا ينضب.