|

الخصخصة رهان النجاح في الجودة والمساءلة

الكاتب : الحدث 2025-08-10 06:57:33

بقلم د. بجاد بن خلف البديري 

تُعد الخصخصة خطوة استراتيجية جريئة نحو تحرير الاقتصاد وتعزيز كفاءته، لكن نجاحها لا يُقاس فقط بحجم العوائد المالية، بل بمدى قدرتها على خلق أثر إيجابي مستدام على المدى الطويل، وهنا تبرز أهمية ركيزتين أساسيتين: ضمان الجودة والمساءلة، فهما حجر الزاوية الذي يضمن تحولاً ناجحًا ويحمي مصالح المستهلكين والموظفين والاقتصاد الوطني ككل.

إن ضمان الجودة في عمليات الخصخصة يبدأ بوضع معايير أداء واضحة ومحددة، حيث يجب على الجهة الحكومية التي تشرف على عملية البيع أن تضمن أن المالك الجديد يلتزم بالحفاظ على مستوى الخدمات أو المنتجات، بل ويسعى إلى تطويرها، ويتطلب ذلك تحديد مؤشرات أداء رئيسية (KPIs) قابلة للقياس تتعلق بكفاءة التشغيل، وجودة الخدمة، ورضا العملاء. هذا الالتزام لا يقتصر على الفترة الانتقالية، بل يمتد ليشمل خطة طويلة الأجل للتحسين المستمر، مدعومة بالاستثمار في التقنية والابتكار. بهذه الطريقة، تتحول الخصخصة من مجرد بيع لأصل إلى فرصة لتحقيق قفزات نوعية في الأداء، مما يعود بالنفع على المستفيد النهائي ويعزز من القدرة التنافسية للقطاع المخصخص.

أما المساءلة، فهي السياج الحامي الذي يضمن الشفافية والنزاهة في كل مراحل العملية، إذ تتطلب وجود أطر قانونية وتشريعية قوية تُحدد بوضوح مسؤوليات وحقوق المالك الجديد، وتوفر آليات فعالة للمراقبة والتقييم، حيث يجب أن تكون هناك هيئات رقابية مستقلة قادرة على التدقيق في أداء الكيان المخصخص، والتحقق من التزامه بالاتفاقيات المبرمة، وتقديم تقارير دورية للعامة، هذه الشفافية لا تمنع الخلل وسوء الإدارة فحسب، بل تبني جسراً من الثقة بين القطاع الخاص والمجتمع، مما يطمئن الجمهور بأن قرارات الخصخصة تُتخذ لصالح الوطن والمواطن، وليس لتحقيق مصالح فردية.

في الختام، لا يمكن لأي عملية خصخصة أن تحقق أهدافها المرجوة دون تبني ثقافة راسخة للجودة والمساءلة، فهما ليسا مجرد متطلبات إجرائية، بل هما ضمانة لاستدامة التنمية، وسبيل لتحقيق أقصى قيمة من الأصول الوطنية، وتحويلها إلى محركات قوية للنمو الاقتصادي، مع الحفاظ على مصالح الجميع.