*الهوية السعودية في واجهة الفعاليات العالمية*

بقلم ✍️ خليل إبراهيم القريبي
غدت المملكة اليوم وجهة عالمية لاستضافة مختلف الفعاليات الكبرى، وتحولت إلى فاعل استراتيجي في طليعة كبريات الدول المنافسة، وعززت بالتالي من هويتها المتفردة أمام العالم. يكمن التميز السعودي في القدرة الفائقة على دمج العلامة الوطنية في شعارات هذه الفعاليات، مما حولها إلى أدوات اتصالية تحمل رسائل عميقة حول الهوية السعودية المتجددة.
تشير الدراسات، مثل تلك الصادرة مؤخراً عن مركز القرار للدراسات الإعلامية، إلى أن شعارات فعاليات كبرى مثل قمة العشرين، ومعرض إكسبو 2030، وكأس العالم 2034، والمبادرة السعودية الخضراء، لم تكن مجرد هويات بصرية، إنما كانت حاملاً استراتيجيًا للهوية الوطنية العريقة. هذه الشعارات عكست رموزًا وطنية راسخة مثل الخط العربي، والنخلة والسيفين، إضافة إلى عناصر الطبيعة والاستدامة، في إشارة واضحة إلى توجهات رؤية 2030 التي تجمع بين الأصالة العربية والحداثة العالمية.
تمثيل الهوية الوطنية بهذه الطريقة المدروسة يبعث برسالة اتصالية قوية ومؤثرة، تنص على أن المملكة لا تقدم نفسها كمنصة استضافة محايدة، بل كشريك مؤثر يعرض هويته الثقافية الفريدة، فكل شعار يمثل نافذة رمزية تُبرز التنوع الثقافي والانفتاح، وفي الوقت ذاته يعزز الشعور بالاعتزاز بالرموز المحلية، وهذا النهج الاحترافي في دمج الهوية يساهم في بناء صورة ذهنية حقيقية للمملكة على المستوى العالمي.
ومن منظور استراتيجي، يُعد هذا التوجه جزءًا لا يتجزأ من استثمار القوة الناعمة للمملكة، عبر حضور بصري وقيمي مستمر في أهم المحافل الدولية، كما أنه يدعم الأهداف الأساسية لرؤية 2030، التي وضعت الثقافة والهوية في صميم التنمية الشاملة. علاوةً على ذلك، يبرز هذا التوجه قدرة المملكة على الدمج بذكاء بين هويتها المحلية وبين المعايير العالمية للفعاليات، مما يعزز مكانتها كمركز عالمي رائد. تعتبر هذه التجربة نموذجاً ملهماً في كيفية استخدام الفعاليات الكبرى لتحقيق أهداف تتجاوز المكاسب الاقتصادية والسياحية، لتصل إلى تعزيز علامة وطنية مثلى تتجدد مع كل حدث وتترسخ في الوعي العالمي.