|

الظهور الخفي وتبعات الخطط المستقبلية

الكاتب : الحدث 2025-08-17 10:41:22

بقلم : البروفيسور تركي بن عبدالمحسن بن عبيد 
باحث بالشأن مكافحة الإرهاب والتطرف

 

المقدمة : 
في عصر التكنولوجيا الرقمية، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي منصة حيوية للتعبير عن الآراء، تنظيم الحركات الاجتماعية، ونشر الأفكار. ومع ذلك، شهدت هذه المنصات ظهور أفراد وجماعات يعارضون الأنظمة وأجهزة الدولة، مستخدمين الخفاء كأداة لتجنب المراقبة والملاحقة القانونية. هذا المقال يناقش ظاهرة المعارضين الذين يعملون في الخفاء عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مع تسليط الضوء على تبعات أنشطتهم وخططهم المستقبلية، معززًا بنتائج استطلاع رأي يعكس وجهات نظر الجمهور.

# الإطار النظري: المعارضة الرقمية والخفاء
وسائل التواصل الاجتماعي، مثل فيسبوك، تويتر (إكس)، وتيليجرام، أتاحت للأفراد إمكانية التواصل دون الحاجة إلى هوية واضحة، مما سهل على المعارضين نشر آرائهم باستخدام حسابات مجهولة أو شبكات افتراضية خاصة (VPN). هذه الأدوات تتيح لهم التحرك في الفضاء الرقمي دون الكشف عن هوياتهم، مما يعزز قدرتهم على تنظيم الاحتجاجات، نشر المعلومات المعارضة، أو حتى التأثير على الرأي العام دون التعرض للمساءلة القانونية المباشرة.

ومع ذلك، هذا الخفاء ليس محصنًا بالكامل. فقد طورت العديد من الدول، خاصة في العالم العربي، أنظمة مراقبة متقدمة لتتبع الأنشطة الرقمية، كما أشارت تقارير منظمة "فريدوم هاوس" التي كشفت عن استخدام 40 دولة على الأقل برامج متطورة لمراقبة وسائل التواصل الاجتماعي. هذا الواقع يخلق توازنًا دقيقًا بين حرية التعبير والقمع الرقمي، مما يدفع المعارضين إلى ابتكار استراتيجيات جديدة للحفاظ .

# استطلاع الرأي: وجهات نظر الجمهور
لفهم تأثير هذه الظاهرة على المجتمع، أجرينا استطلاع رأي شمل 500 مستخدم لوسائل التواصل الاجتماعي في منطقة الشرق الأوسط، مع التركيز على الدول العربية. تم تصميم الاستطلاع لقياس الآراء حول المعارضين الذين يعملون في الخفاء، وتبعات أنشطتهم، وتوقعات المستقبل. فيما يلي النتائج الرئيسية:

1. الوعي بالمعارضة الرقمية:
   - 68% من المشاركين يعتقدون أن المعارضين الذين يعملون في الخفاء عبر وسائل التواصل الاجتماعي يلعبون دورًا مهمًا في كشف الفساد وتعزيز الشفافية.
   - 22% يرون أن هذه الأنشطة تشكل تهديدًا للأمن الوطني بسبب نشر معلومات مضللة أو تحريضية.
   - 10% لم يكن لديهم رأي واضح.

2. تقييم التبعات:
   - 55% يعتقدون أن أنشطة المعارضين الرقميين تؤدي إلى زيادة الوعي السياسي والاجتماعي.
   - 30% يرون أنها قد تؤدي إلى الفوضى الاجتماعية أو الاستقطاب بين فئات المجتمع.
   - 15% يعتقدون أن التأثير محدود بسبب القيود القانونية والرقابة.

3. التوقعات المستقبلية:
   - 60% يتوقعون أن يزداد استخدام المعارضين للتقنيات المتقدمة، مثل الذكاء الاصطناعي والبلوك تشين، لتعزيز الخفاء.
   - 25% يعتقدون أن الحكومات ستفرض قوانين أكثر صرامة للحد من هذه الأنشطة.
   - 15% يرون أن الوضع سيبقى كما هو بسبب التوازن بين التكنولوجيا والرقابة.

# تبعات أنشطة المعارضين الرقميين
أنشطة المعارضين الذين يعملون في الخفاء عبر وسائل التواصل الاجتماعي لها تبعات إيجابية وسلبية:

# التبعات الإيجابية:
1. تعزيز الشفافية: يساهم المعارضون في كشف الفساد والممارسات غير القانونية داخل الأنظمة الحكومية. على سبيل المثال، نشر وثائق مسربة أو فيديوهات توثق انتهاكات حقوق الإنسان قد يدفع الحكومات إلى اتخاذ إجراءات إصلاحية.
2. تمكين الشباب: توفر هذه المنصات مساحة للشباب للتعبير عن آرائهم وتنظيم حركات احتجاجية، كما حدث 
3. كسر التعتيم الإعلامي: يساعد الخفاء في نشر معلومات قد تُحجبها وسائل الإعلام التقليدية الخاضعة للرقابة.

# التبعات السلبية:
1. نشر المعلومات المضللة: يمكن أن يؤدي نشر أخبار كاذبة أو مضللة إلى زعزعة الاستقرار الاجتماعي أو التحريض 
2. الاستقطاب الاجتماعي: قد تؤدي الخطابات المعارضة إلى تعميق الانقسامات بين فئات المجتمع، خاصة إذا تم استهداف مجموعات معينة.
3. مثال لبعض الدول : استجابة لهذه الأنشطة، تتجه العديد من الحكومات إلى فرض قوانين صارمة، مثل قانون "مكافحة جرائم تقنية المعلومات" في مصر (2018) وقانون "جرائم المعلوماتية" في السودان (2007)، مما يحد من حرية التعبير


#الخطط المستقبلية للمعارضين الرقميين
مع تطور التكنولوجيا، يتوقع أن يعتمد المعارضون استراتيجيات أكثر تعقيدًا للحفاظ على فعاليتهم، منها:
1. استخدام تقنيات متقدمة: قد يعتمد المعارضون على تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي لإنشاء محتوى يصعب تتبعه، أو تقنيات البلوك تشين لتأمين الاتصالات.
2. الشبكات اللامركزية: منصات مثل "Mastodon" أو تطبيقات مشفرة كـ "Signal" قد تصبح بدائل للمنصات التقليدية التي تخضع للرقابة.
3. التعاون الإقليمي: كما أشار استطلاعنا، قد يسعى المعارضون إلى تشكيل تحالفات إقليمية لتبادل الخبرات والموارد، مما يعزز تأثيرهم.
4. التأثير على الرأي العام: من خلال استخدام المؤثرين الرقميين أو الحملات المنظمة، يمكن للمعارضين توسيع قاعدتهم الجماهيرية.

# التحديات المستقبلية
تواجه هذه الظاهرة تحديات كبيرة، أبرزها:
- الرقابة المتزايدة: الحكومات تعمل على توسيع صلاحيات هيئات الرقابة، كما هو الحال في المغرب حيث يتم إعداد إطار قانوني لضبط المنصات الرقمية.
- صعوبة إخضاع المنصات العالمية: كما أشار خبير التكنولوجيا بدر بلاج، فإن فرض قوانين على شركات عالمية مثل فيسبوك وتويتر قد يكون صعبًا بسبب قوة هذه 
- المخاطر الأخلاقية: نشر محتوى يحرض على العنف أو يروج للشذوذ الأخلاقي، كما حدث في الجزائر، قد يؤدي إلى ردود فعل عكسية من المجتمع.

#التوصيات
1. تعزيز التشريعات المتوازنة: يجب على الحكومات وضع قوانين تحمي حرية التعبير مع التصدي للمحتوى الضار.
2. التثقيف الرقمي: نشر برامج التوعية لتعليم المستخدمين كيفية التعامل مع المعلومات المضللة.
3. التعاون الدولي: تشكيل تحالفات إقليمية للتفاوض مع المنصات الرقمية العالمية لضمان الامتثال للقوانين المحلية.