|

الخسوف والكسوف.. آيات كونية ودلالات وجودية

الكاتب : الحدث 2025-09-07 12:26:14

بقلم: فاطمة محمد مبارك

يحدث الخسوف عندما تقع الأرض بين الشمس والقمر فتحجب ظلها ضوء القمر، بينما يحدث الكسوف حين يمر القمر بين الأرض والشمس فيحجب ضوءها كليًا أو جزئيًا،هذه التفسيرات العلمية تكشف عن دقة النظام الكوني، وعن انسجام حركة الأجرام السماوية وفق قوانين ثابتة لا تتخلف، مما يدعو الإنسان إلى الانبهار بهذا النظام المحكم لكن، ما الذي يعنيه للإنسان أن يرى الشمس أو القمر، اللذين اعتاد ضياءهما، يختفيان فجأة؟ 
هنا ينتقل العقل من التفسير العلمي إلى التأمل والتفكر ، ومن الوصف إلى التساؤل عن الغاية والمعنى.
والحقيقة أنه في زمن تتسارع فيه العلوم تغمر الإنسان بثقته بقدراته،يأتي الخسوف والكسوف درس وعبره وكتذكير عملي بضعف الإنسان أمام قدرة الله المطلقة. فمهما بلغ من علم وتقنية، يبقى عاجز عن تغيير مسار الأجرام السماوية أو التحكم في قوانين الكون، الخسوف والكسوف هما من أعظم الظواهر الفلكية التى تدعونا للتأمل والتواضع أمام عظمة خلق الله وقدرته.
ولقد شرع الإسلام صلاة الكسوف والخسوف ، صلاة نافلة خاصة بهاتين الظاهرتين، تؤدى في جماعة، وتتميز بطول القراءة والركوع والخشوع. وهي صلاة تجمع بين العبادة والتأمل، حيث يتجه المؤمن إلى الله بالدعاء والتضرع، مستشعرًا أنه أمام مشهد كوني استثنائي. ولقد جاء في الحديث الشريف أن النبي ﷺ قال“إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروا وصلوا وتصدقوا” (رواه البخاري ومسلم)بهذا التوجيه النبوي، يتحول الخسوف والكسوف إلى لحظة إيمانية عميقة، تذكر الإنسان بعظمة الخالق وتدعوه إلى التوبة .

وفى الختام … الخسوف والكسوف  رسالة بليغة للإنسان ليتوقف عن غفلته، ويراجع ذاته، ويجدد صلته بالله، في هذه اللحظات، يجتهد بالتقرب الى الله  ويرفع يديه بالدعاء "اللهم ارحمنا إذا برق البصر وخسف القمر وجُمعت الشمس والقمر، اللهم اجعل هذه الآيات رحمة لنا، ولا تؤاخذنا بذنوبنا، واغفر لنا وارحمنا يا أرحم الراحمين.”