كيف يدعم البحث العلمي الاقتصاد المعرفي؟

بقلم د. بجاد بن خلف البديري
البحث العلمي اليوم هو أحد أعمدة التنمية الحديثة، وأصبح الاستثمار فيه معيارًا حقيقيًا لقياس مكانة الدول في الاقتصاد العالمي، في بيئة تتغير بسرعة وتتسارع فيها المنافسة، يبرز دوره كقوة دافعة للاقتصاد المعرفي الذي يقوم على تحويل المعرفة إلى ثروة وإلى منتجات وخدمات ذات قيمة مضافة.
تجارب الدول المتقدمة تثبت أن الإنفاق على البحث والتطوير يفتح الباب نحو الريادة الاقتصادية، كوريا الجنوبية وسنغافورة مثالان واضحان؛ فمن اقتصادات فقيرة الموارد إلى قوى صناعية وتكنولوجية مؤثرة، بفضل سياسة متواصلة من دعم البحث العلمي وتعزيز التعليم وربطهما بالقطاع الخاص. وفي مملكتنا الغالية، تسير رؤية 2030 في الاتجاه ذاته عبر استهداف رفع الإنفاق على البحث والتطوير إلى 2.5 في المائة من الناتج المحلي بحلول عام 2030؛ هذا التوجه يتجسد في تمكين الجامعات من قيادة مشاريع ابتكارية، وتوسيع دور مراكز الأبحاث، وإقامة شراكات مع الشركات الوطنية والعالمية، إضافة إلى توفير الدعم للشركات الناشئة القائمة على المعرفة.
القيمة المضافة للاقتصاد المعرفي لا تتوقف عند حدود النمو الاقتصادي، إنما تمتد إلى خلق وظائف عالية المهارة، وتعزيز جاذبية البيئة الاستثمارية، ورفع القدرة التنافسية الوطنية، وتقديم حلول علمية للتحديات الصحية والبيئية التي تواجه المجتمعات، وكل ذلك يرسخ الاستدامة ويؤسس لاقتصاد متنوع وقادر على مواجهة المتغيرات. أخيراً؛ كل استثمار في البحث العلمي يفتح نافذة جديدة نحو المستقبل، ويؤكد أن الطريق إلى اقتصاد قوي ومزدهر يبدأ من المختبرات وقاعات الجامعات وينتهي في الأسواق العالمية، وبهذا النهج، ترسم السعودية مسارًا واضحًا نحو بناء نموذج وطني للابتكار يضعها في مصاف الاقتصادات الرائدة عالميًا.