|

دراما الحمقى وطمس الهوية

الكاتب : الحدث 2025-09-09 12:16:35

بقلم ـ عارف أحمد

يا سلام على بعض  الأعمال الدرامية  حين تقع في أيدي بعض “المشرفين العظام” الذين لا يعرفون من الفن إلا أسمائهم  على البوسترات الرسمية أو في التتر ! هؤلاء الذين يظنون أن كتابة النص الدرامي لا تحتاج إلا إلى قلم ودفتر، وأن اختيار بعض الممثلين لا يحتاج إلا إلى “قائمة معارفهم”، وأن النجاح يقاس بعدد “المجاملات” في حفل الافتتاح، لا بعدد المشاهدين الذين تركوا متابعة العمل  قبل نهاية الحلقة الأولى، وأن كل من أراد أن يخوض غمار التمثيل حتى لو لم يكن يعلم من التمثيل إلا من إسمه ولم يخوض التجربة المسرحية أو حتى إعلان تجاري ! ويعتمد على رأي شخصي في نفسه أنه قادر على الوقوف أمام الشاشات! وا عجبي !! 

في الزمن الجميل، كان المبدع يطرق أبواب القنوات والهيئات طامعًا في أن يجد من يسمع صوته ويمنحه فرصة، أما اليوم، بعض العلاقات هي من تحدد وتقرر .وفي جانب آخر  يجلس بعض المتطفلين على العمل الدرامي، منهم من يضع نظارته السميكة، ويقلب أوراق النصوص كما لو كان يختار منيو مطعم: “هذا النص معقد… لا يخدم قدراتي كفنان . هذا النص فيه فكرة… لكن أعتقد أنه غير ناضج. هذا النص تافه… مناسب لي !”ويا ليت الأمر توقف عند هذا الحد! لا، فقد قرروا  بعض الصناع في الفترة الحالية بكل “إصرار” أن يشوهوا سمعة الإنتاج المحلي في الخارج أيضًا. فبدل أن نُصدّر دراما تعكس ثقافتنا وتاريخنا، صدروا لنا بعض من “شخصيات UFO” بوجه بشري، وحوارات لا يقولها عاقل في جلسة مقهى، فضلًا عن كونها لا تُقنع حتى الطفل الذي يشاهدها بالصدفة وهو يقلب القنوات أو مشاهدة برنامجه المفضل المخصص للأطفال والأغرب أن بعض من هؤلاء لا يكتفون باختيار النصوص الرديئة، بل يفرضونها فرضًا! كأن الجمهور لا يملك قرار في رغبته مشاهدة ما يليق به ! بل  بعض الصناع يرددون: “شاهدوا هذا المسلسل الرديء، أحببتموه أم لا، لا يهم. هذا هو الموسم الرمضاني الذي اخترناه لكم، غصبًا!”، ثم يتساءلون بكل براءة: “لماذا الجمهور يهاجمنا؟!”.

إذا استمرت قيادة الدراما في يد بعض من هؤلاء  الصناع المتطفلين، فسنجد أنفسنا أمام جيل يظن أن البطل الحقيقي هو من يصرخ أكثر، وأن الحبكة الدرامية تُبنى على عدد مشاهد الصراخ والصفع وأن الفتاة تكسر حاجز الحياء والتقاليد بحجة التفكير خارج الصندوق ، وأن النهاية السعيدة تتحقق فقط عند الحلقة الأخيرة كنوع من دغدغة المشاعر بأسلوب تقليدي ممل لمن لا يحمل فكرة ناضجة ومبنية على أساس صحيح وتمرير الفكرة على نموذج السطحية وإستغفال المشاهد وكأنه لا يملك خيار سوى مشاهدة ما تصنعونه؟!  وكأن ما يعرض على المشاهد تحديث لأي تطبيق يحتاج إلى تحديث في جوال من إصدار قديم لا يقبل التحديث !!  أما سمعتم عن برنامج Torrent في زمن الإنترنت البطيء وتحميل الأفلام والمسلسلات من كل بلاد العالم وكنا نشاهد الأعمال العالمية في ذلك الزمان ، هل تعتقدون أننا لا نملك خيار آخر سوى ما تختارونه لنا في وقت أصبح مشاهدة ما نختار في عالم الإنترنت الحالي وسهولة الوصول لأي عمل عالمي ؟! 

الدراما، يا سادة، ليست لعبة كراسي موسيقية، ولا مسابقة “من يعرف المدير أكثر”. الفن رسالة، والإبداع مسؤولية. لكن ما دام العمل الدرامي  بيد بعض المُؤَدْلِجين الذين يفرضون الرداءة ويعتبرون الفشل إنجازًا، فلن يكون أمامنا سوى أن نضحك… ضحكة ساخرة، كي لا نبكي على حال الدراما .