المصلحة العامة بوصلة التحول السعودي

بقلم ــ خليل إبراهيم القريبي
في خطاب مؤثر ألقاه سمو سيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، نيابة عن سيدي خادم الحرمين الشريفين، أمام مجلس الشورى، تجلت ملامح التحول الوطني المتسارع نحو مستقبل أكثر ازدهارًا، فالخطاب حمل رسائل عميقة، تؤكد أن بلادنا ماضية بخطى واثقة في سبيل تحقيق المصلحة العامة، عبر مراجعة مستمرة للبرامج والمستهدفات، وتعديلها أو إلغائها إذا اقتضت المصلحة الوطنية ذلك.
لقد جاءت مضامين الخطاب شاهدة على نقلة نوعية في مسيرة التنمية الوطنية، حيث أشار سموه إلى أن الناتج المحلي تجاوز 4.5 تريليون ريال، وأن الأنشطة غير النفطية أسهمت لأول مرة بما نسبته 56% من الناتج المحلي، وهو إنجاز تاريخي يعكس نجاح خطط التنويع الاقتصادي. وفي المقابل، شهدت معدلات البطالة انخفاضًا إلى مستويات غير مسبوقة، فيما ارتفعت مشاركة المرأة في سوق العمل، بما يعزز من دورها كشريك رئيسي في البناء الوطني.
ولم يقتصر الحديث على الأبعاد الاقتصادية فحسب، بل شمل كذلك تعزيز القدرات الدفاعية والوصول بها إلى مستويات عالمية متقدمة، إلى جانب تحقيق قفزة في توطين الصناعة العسكرية لتتجاوز 19% بعد أن كانت لا تتعدى 2%. هذه التحولات توضح كيف تجمع المملكة بين بناء اقتصاد متنوع ومستدام وبين تعزيز أمنها الوطني في آن واحد. وفي بُعد آخر، أشار الخطاب إلى توجه المملكة لتكون مركزًا عالميًا في مجال الذكاء الاصطناعي، خطوة استراتيجية تعكس إدراك القيادة لأهمية الاستثمار في المستقبل الرقمي، وتعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني على الساحة العالمية.
إن ما ورد في هذا الخطاب التاريخي يؤكد أن المملكة اليوم باتت أكثر مرونة في إدارة تحولها، وأكثر التزامًا بربط كل خطوة بالمصلحة العامة، فالمواطن يبقى جوهر كل إنجاز، وتحسين مستوى دخله وخدمته هو الهدف النهائي لكل السياسات والبرامج، إنها رؤية عملية لنهضة شاملة، تتقدم فيها المملكة بثقة نحو ريادة عالمية ترسم معالم اقتصاد القرن الحادي والعشرين.