الخطبة الموحدة عن كبار السن.. رسالة للرحمة والتكريم

بقلم ـ فاطمة محمد مبارك
لقد كرّم الإسلام كبار السن أيُّما تكريم، فجعل برّهم ورعايتهم من أعظم القربات، وربط رضا الله برضا الوالدين. قال تعالى: “وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا”. وقال النبي ﷺ: “ليس مِنَّا مّنْ لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا”. إن هذه التوجيهات تضع الكبار في موقع الاحترام والتقدير وتجعل رعايتهم واجب لا يقبل المساومة.
في خطوةٍ تحمل رسالة إنسانية ودينية ، وجّه وزير وزارة الشؤون الإسلامية بتوحيد خطبة الجمعة القادمة في جميع مساجد المملكة للحديث عن مكانة كبار السن في الإسلام وحقوقهم، وتؤكد قيم البر والوفاء لجيل أعطى الكثير ،أن توحيد الخطبة يعني صوت واحد ورسالة جامعة ،حيث ملايين المسلمين سيستمعون إلى الرسالة نفسها، وهو ما يعكس اهتمام المملكة بالقضايا الإنسانية والاجتماعية، ويحول المنابر إلى وسيلة فاعلة لبناء وعي جماعي يكرس ثقافة الإحسان، ويعيد التذكير بأن العناية بالكبار ليست مجرد التزام فردي بل مسؤولية مجتمعية.
وممّا لاشك فيه أن حقوق كبار السن أوسع من توفير العلاج والغذاء حيث أخطر ما يواجه هذه الفئة هو الإحساس بالعزلة الاجتماعية أو فقدان القيمة والتمييز العمري في الخدمات المقدمة يظهر ذلك عدة صور ومنها قلة البرامج المخصصة لهم للاندماج والمشاركة في المجتمع ، والاكتفاء بخدمات رعاية أساسية دون أنشطة نوعية ،صعوبة الحصول على قروض أو تسهيلات مصرفية بدعوى قصر الأجل المتوقع ،تجاهل احتياجاتهم في تصميم التطبيقات أو المنصات، ممّا يخلق فجوة رقمية تعيق استفادتهم نقص التسهيلات في المواصلات والأماكن العامة (كالمصاعد، المقاعد المخصصة، الإرشادات الواضحة).
ومن هنا، يبقى التحدي الحقيقي في أن تتحول هذه الخطوة الرمزية من المنبر إلى الواقع إلى مسار عملي مستدام ،من شأنه أن يمهدالطريق لإطلاق مبادرات نوعية ..
اجتماعية: إنشاء مراكز أنشطة اجتماعية وثقافية تدمجهم في الحياة العامة عوضًا عن عزلهم.
مالية : تصميم منتجات مصرفية وتأمينية مناسبة لهم (قروض صغيرة، خطط ادخار مرنة).
رقمية: تبسيط التطبيقات والخدمات الإلكترونية، وتوفير ورش تدريبية لمهارات التقنية.
خدمات عامة: تحسين البنية التحتية (ممرات آمنة، مواصلات مهيأة، أماكن جلوس مريحة).
تشريعية :سن قوانين واضحة لمكافحة التمييز العمري وضمان حقوق الشيخوخة الكريمة.
وفى الختام …إن إعادة توجيه المنابر الدينية للحديث عن كبار السن رسالة حضارية تفتح الأفق أمام تساؤل أعمق: كيف تعيد القيم الإسلامية صياغة علاقتنا بالزمن وبالإنسان في ضعفه وشيخوخته؟
الزمن باعتباره أمانة تستثمر ورحلة إلى الاخرة والإنسان في ضعفه وشيخوخته باعتباره موضع كرامة ورحمه ، وحقيقةً أن الضعف البشري جزء من اكتمال صورة الإنسان.